التسميات

الثلاثاء، 18 ديسمبر 2018

الحكم الشرعي في التدخين



الحكم الشرعي في التدخين  
في هذا العام بلغت منظمة الصحة العالمية اشدها، وبلغت أربعين سنة من عمرها المديد إن شاء الله . 
وإذا كان هذا النوع من المناسبات يستدعى وقفة تأمل يلقى فيها المرء نظرة على"ما تمكن من إنجازه، فإن منظمة الصحة العالمية لتعتز بمنجزاتها من خلال برإمجها  العديدة، التي يكمل بعضها بعضا وتسير سيرا حثيثا نحو تحقيق غايتها هادفة في مجموعها إلى إتاحة الصحة للجميع. 
ولعل من أبرز ما تعتز به المنظمة هو ما بدأ يلوح في الأفق من عمل مشترك يساهم فيه الجميع  لتعزيز الصحة والحفاظ عليها فالحقيقة التى لا تقبل جدالا هي أن الصحة مسؤولية الفرد والمجتمع على السواء فالفرد أيا كان موقعه، وأيا كانت طبيعة اختصاصه، له دور أساسي في العمل الصحى وليست  الصحة من اختصاص الأطباء أو السلطات الصحية فحسب، بل لابد من مشاركة الجميع في توفير الصحة للجميع، استجابة لقول الله عز وجل " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ". فالمرأة في بيتها"، والفلاح في أرضه، والعامل في مصنعه، والأستاذ في مدرسته، وكل فرد، كبير أو صغير، يستطيع أن يعمل من أجل الصحة أو ضدها ودور الفرد لا  
ويقتصر على الحفاظ على صحته، بالتزام السلوك الصحى، كالحرص على النظافة، والاعتدال في الأكل، وتخصيص دقائق من وقته للرياضة، بل إن عليه أن يبتعد عن كل ما يضر بصحته أو بصحة الآخرين. 
فمن المعروف بداهة، أن ممارسة أي حق من حقوق الإنسان تقتضي منع عدوان الآخرين على هذا الحق فالذي يمسك سلاحا ناريا فيقتل ظلما واحدا من الناس، إنما يعتدي على حق الناس جميعا في الحياة:  "قكأنما  قتل الناس جميعا". ومثله الذي يلوث  الماء، أو يفسد البيئة، أو يهمل تطعيم أطفاله، فيساعد على انتشار عوامل المرض وتكاثرها، فهو كذلك يعتدي على حق الناس جميعا في الحياة الصحية. 
 ولعل من أوضح مظاهر العدوان على الصحة الفردية والجماعية: التدخين  فليس سرا أن مليونين ونصف مليون شخص في العالم يموتون كل عام بأمراض أساسها التدخين، مثل سرطان الرئة، والتهاب القصبات المزمن، والانتفاخ الرئوي، وأمراض شرايين القلب، وسرطان المثانة وهذا يعني وقوع وفاة في كل 13 ثانية من جراء التدخين وإنه لمما يلفت النظر أن أحدا في العالم كله لم يستطع أن يكتشف منفعة واحدة للتدخين فالتبغ مادة ضارة كل الضرر بالفرد وبأسرته وبمجتمعه. 
وهذا يجعل التبغ مادة فريدة بين المواد التي يتعاطاها الناس بكثرة في العالم فحتى الخمر قال عنها الله سبحانه: " يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس ، وإثمهما أكبر من نفعهما ". فذكر أن للخمر بعض المنافع ولكنه جعلها محرمة تحريما كاملا بمسبب تفوق الأضرار التي تنجم عنها على فوائدها. فما قولنا بالتبغ الذي ليس له نفع يذكره له أي إنسان، بل إن المدخنين أنفسهم مجمعون على ضرره وأذاه ؟. 
ولعل من أسوأ أنواع التدخين، ذلك الذي يقال له " التدخين بالإكراه "، ويعنى به استنشاق الشخص غير المدخن لسجائر الغير رغم أنفه، سواء في المكتب أو في وسائل المواصلات، أو في المنزل وفي كل عام يسبب التدخين بالإكراه عددا يتراوح بين أربعة آلاف وخمسة آلاف وفاة في الولايات المتحدة، وحوالي ألفا وفاة في بريطانيا وخمسمئة وفاة في كندا كما أن النساء غير المدخنات والمتزوجات من رجال مدخنين، يتعرضن إلى سرطان الرئة بنسبة أكبر كثيرا من النساء المتزوجات من أشخاص غير مدخنين. 
وبعد، فلما كان للدين سلطان قوي في نفوس أبناء هذا الإقليم، وكان في الإسلام كثير من المبادىء التى تحفظ علي الإنسان صحته وتدعوه لما يحييه، وتنأى به عن التعرض للمخاطر والأضرار، وترسم له سبل اتقاء المفاسد والآثام، فقد رأى هذا المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية أن يستطلع رأي عدد من جلة علماء الدين حول الحكم الشرعي في التدخين وقد تفضل أصحاب الفضيلة الذين توجهنا بالسؤال إليهم فبعثوا إلينا مشكورين بإجابات وافية مستفيضة، بحثوا فيها الموضوع بالتفصيل وخلصوا إلى ما اطمأنت قلوبهم إلى أنه الحكم الشرعي فى التدخين وهو يدور حول الحرمة المطلقة أو الكراهة التحريمية على أقل تقدير. 
وقد رأى المكتب الإقليمي أن من واجبه تعميم الانتفاع بهذه الدراسات القيمة وقرر إصدار هذا الكتاب الذي يستفتح بخلاصات  الفتاوى، ثم يشتمل على نصوصها الكاملة إتماما للفائدة، ولو كان فيها بعض التكرار، ولاسيما من حيث المعلومات الصحية والطبية التي استند إليها السادة الفقهاء في التوصل إلى فتاويهم وإنا لنرجو أن يستجيب قراء هذا الكتاب لما يقرأونه من حكم شرعي، ويكفوا عن التدخين اتقاء لإقاع المضرة والمفسدة بأنفسهم وأهليهم ومواطنيهم، وتلبية لقول الله عز وجل: " يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم يما يحييكم ". والله من وراء القصد. 
أغسطس 1988،  المحرم 1409 
الحكم الشرعي في التدخين 
" أصبح واضحا جليا أن شرب الدخان، وإن اختلفت أنواعه وطرق استعماله، يلحق بالإنسان ضررا بالغا، إن آجلا أو عاجلا، في نفسه وماله، ويصيبه بأمراض كثيرة متنوعة، وبالتالي يكون تعاطيه ممنوعا بمقتضى هذه النصوص، ومن ثم فلا يجوز للمسلم استعماله بأي وجه من الوجوه، وأيا كان نوعه، حفاظا على الأنفس  والأموال، وحرصا على اجتناب الأضرار التي أوضح الطب حدوثها، وإبقاء على كيان الأسر والمجتمعات بإنفاق الأموال فيما يعود بالفائدة على الانسان في جسده، ويعينه على الحياة سليما معافى، يؤدي واجباته نحو الله ونحو أسرته فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف والله سبحانه وتعالى أعلم.  
  
الإمام الأكبر 
جاد الحق على جاد الحق 
شيخ الأزهر 
*** 
(بعد أن قرأت النشرات الطبية العديدة التي توضح آثار التدخين وأضراره الصحية والاجتماعية أقول إنه حرام قطعا ويجب على المدخنين أن يقلعوا عنه، وعلى غير المدخنين أن يتحاشوه، والله أعلم.  
الدكتور عبد الجليل شلبي 
عضو مجمع البحوث الإسلامية 
"* " 
 الحكم الشرعي الذي تطمئن إليه النفس أن التدخين حرام (الدخان من الخبائث لمذاقه المر، ورائحته الكريهة، وأضراره البالغة، وعواقبه الوخيمة، ويكون حراما والله سبحانه وتعالى أعلم.  
الدكتور حامد جامع 
أمين الجامع الأزهر سابقاً 
خبير موسوعة الفقه الإسلامي بالكويت 
*** 
 الآن وقد حسم أهل الذكر والاختصاص الطبي الأمر، فإن حكم شرب الدخان، بصفة عامة، يدور بين الحرمة  والكراهة  التحريمية. 
وينبني عليه حكم الاتجار فيه، الذي يدور أيضا بين الحرمة والكراهة التحريمية، بالنسبة لمن يريد البدء في هذا الاتجار، لأنه حينئذ يتاجر في حرام ضار، أو في مكروه كراهة تحريمية، تقف على حدود الحرام . 
الدكتور زكريا البري 
أستاذ ورئيس قسم الشريعة الإسلامية 
كلية الحقوق، جامعة القاهرة 
وعضو مجمع البحوث الإسلامية ولجنة الفتوى بالأزهر 
***** 
إن مكافحة أو مقاومة التدخين سواء أكان حراما أو مكروها، أمر يقره الإسلام، لأنه يحب للمسلم أن يكون قويا كاملا  في كل نواحيه الصحية والفكرية والروحية والاقتصادية والسلوكية بوجه عام.  
الشيخ عطية صقر 
عضو لجنة الفتوى ومجمع البحوث الإسلامية بالأزهر 
**  
 ان تناول الدخان على أي وجه، يستتبع عاجلا أو آجلا أمراضا شتى، أخطرها أمراض القلب والسرطان في الجهازين التنفسي والبولي كما أن فيه تبذيراً وإنفاقا للمال في غير حقه، فلذلك يكون حراما شرعا وحيث كان أمر الدخان كذلك فيجب الامتناع عن تناوله شرعاً وعقلا  والله تعالى أعلم. 
الشيخ مصطفى محمد الحديدي الطير 
عضو مجمع البحوث الإسلامية 
** 
وحيث ثبت أن شرب الدخان وتعاطي السموم المخدرة  بإجماع العقلاء، والمختصين من الأطباء، ضار بالنفس والعقل والمال، ويؤدي إلى إتلافها، أو الاعتداء عليها  بتعطيلها وضعف إنتاجها كما أو كيفا، وجب الحكم بتحريم تناولها وتحديد عقوبة رادعة للجالبين لها والمتاجرين فيها والمتعاطين لها، كثر ما تعاطوه أو قل.  
الشيخ عبد اللة المشد 
عضو مجمع البحوث الإسلامية 
ورئيس لجنة الفتوى بالأزهر 
وإذا تبين لنا ضرر التدخين على حياة الإنسان بمثل هذا القدر فإن مما لا شك فيه أن يكون محرما 0 
الدكتور أحمد عمر هاشم 
أستاذ ورئيس قسم الحديث 
كلية أصول الدين- جامعة الأزهر 
 ومن كل ما سبق نقول: إن التدخين حرام، وإن واجب المسلمين أن يحاربوا هذه العادة الضارة المهلكة. 
الدكتور الحسيني هاشم رحمه الله 
وكيل الأزهر السابق 
 شرب الدخان حرام، وزرعه حرام، والاتجار به حرام، لما فيه من الضرر، وقد روى في الحديث " لا ضرر ولا ضرار " ولأنه من الخبائث، وقد قال الله تعالى في صفة النبي صلي الله عليه وسلم ((ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث  وبالله التوفيق.)) 
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 
بالمملكة  العربية السعودية 
الرئيس: عبد العزيز بن باز 
نائب الرئيس: عبد الرزاق عفيفي 
العضو : عبد الله بن غديان 
العضو: عبد اللة بن قعود 
الحكم الشرعي في التدخين 
لفضيلة الإمام الأكبر 
جاد الحق على جاد الحق 
شيخ الجامع الأزهر 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله 
وبعد: 
فقد اهتم  فقهاء المسلمين وكثرت أبحاث العلماء فى فحص حقيقة الدخان. وما يترتب على شربه وتعاطيه وما يتفرع على ذلك من حكم شرعي نتيجة لما يثبت من ضرره أو نفعه، حيث لم يرد في شأنه نص في القران أو السنة. ولم يعرف شرب هذا الدخان إلا في أوائل القرن الحادي عشر  الهجري ، بعد أن ظهر فى بلاد الإفرنج، وفى أرض المغرب، وبلاد السودان، ثم شاع فى بلاد الإسلام. 
وقد اختلفت كلمة الفقهاء فى بيان منافعه ومضاره منذ ظهوره واستعماله في البلاد الإسلامية ففريق ذهب إلى أنه يحتوي على فوائد كثيرة، منها على سبيل المثال، ما قاله أحدهم: انه يهضم الطعام، ويطفىء السموم، ويقتل الديدان في المعدة، ويسهل خروج البلغم، ويسخن الرأس والجسد، ويخفف الزكام، ويقوي الهمة، ويسهل خروج الفضلة بسرعة . 
أما الفريق الآخر فيرى- كما نقله عن الأطباء والحكماء في عصره- أن شرب الدخان يحدث في ابتدائه بعضا من المنافع في البدن، حتى يداوم عليه فيحدث الغشاوة في البصر، والثقل في الأعضاء والإمساك في الهاضمة وقال بعضهم إنه حار يابس معطش مجفف، مضر للقلب والدماغ، ويورث الخفقان، ويغلظ الدم. 
ومن هنا تضاربت آراء الفقهاء واختلفت كلمتهم وترددت أحكامهم بين الإباحة، والكراهة ،  والمنع والحرمة والأصل في ذلك اختلافهم في الحكم على أصل الأشياء، فمنهم من قال: إن الأصل فيها الحرمة إلا مادل دليل الشرع على إباحته، ومنهم من رأى ان الأصل فيها الاباحة إلا مادل الشرع على حرمته. والفريق الثالث: يرى التفصيل بين المضار والمنافع، فالأصل في المضار الحرمة، والأصل في المنافع الاباحة. 
وعلى ذلك: فمن رأى منهم ان شرب الدخان له فوائد في نظره قال بإباحة شربه، بناء عن ما فيه من منافع. أما من ثبت لديه ضرره وعدم نفعه حكم بحرمته، ومنهم من اضطرب في أمره وتردد بين منفعته وضرره فقال بكراهته. ومنهم من رأى ان في شربه إسرافا لأنه يشترى بثمن غالى فيدخل في الاسراف المحرم، مع نتن رائحته وأذيته، خاصة لمن يشربه، فحكم بحرمته. 
وهكذا نجد أن كلمة الفقهاء لم تتفق على حكم شرب الدخان، حيث أنه لم يثبت لديهم على وجه القطع واليقين ما يترتب عليه من أضرار محققه أكيدة،كما أنه ليس هناك دليل او نص شرعي يقضى بحرمته أو كراهته. 
وقد أوجز هذه الآراء وجمعها أحد العلماء فقال: أنه مباح، كما  في " رد المحتار " لابن عابدين الحنفي. وقد أفتى بحله من يعتمد عليه من أئمة المذاهب الأربعة، كما نقله العلامة الأجهورى فى رسالته. وجرى على هذا العلامة عبد الغنى النابلسى الحنفي في رسالته التى ألفها في حله، فقال: انه لم يقم دليل شرعى على حرمته وكراهته، ولم يثبت إسكاره أو تفتيره بعامة الشاربين حتى يكون حرامأ او مكروها تحريما ،  فهر يدخل في قاعدة: " الأصل في الأشياء الاباحة ". وفي " الأشباه " عند الكلام على قاعدة " الأصل في الأشياء الاباحة أو التوقف "، ان أثر ذلك يظهر فيما أشكل أمره، ومنه الدخان. وفي " رد المحتار " لابن عابدين: أن في إدخاله تحت هذه القاعدة إشارة الى عدم إسكاره وتفتيره وإضراره كما  قيل، 
 وإلى أن حكمه دائر بين الإباحة والتوقف والمختار الأول لأن الراجح عند جمهرر الحنفية والشافعية، كما في " التحرير "، أن الأصل الاباحة،  إلا أنه كما قال العلامة الطحطاوي  ((يكره تعاطيه كراهة التحريم لعارض، ككونه في المسجد، للنهي الوارد في الثوم والبصل. وهو ملحق بهما، وكونه حال القراءة، لما فيه من الإخلال بتعظم كتاب الله تعالى... إلى أن قال: " والكراهة لعارض، لأننا في حكم ألاباحة في عامة الاحوال " وقول العمادي بكراهة استعمال الدخان، محمول- كما ذكره أبو السعود- على الكراهة التنزيهية. وقول الغزى الشافعي بحرمته قد ضعفه الشافعية أنفسهم، ومذهبهم أنه مكروه كراهة تنزيه إلا لعارض، والكراهة التنزيهية تجامع الإباحة. 
ومن ذك نعلم حكم تعاطيه، وأن الأصل فيه الاباحة إلا لعارض يوجب تحريمه أو كراهته التحريمية، لضرره الشديد بالنفس، أو بالمال، أو بهما، أو تعاطيه في المسجد، أو في أثناء سماع القرآن لما فيه من المنافاة لتعظيم الله تعالى. 
لما كان ذلك؟ 
وكان بعض قدامى الفقهاء يرون- نقلا عن الأطباء والحكماء- ان شرب الدخان يحدث في ابتدائه بعضا من المنافع في البدن، حتى يداوم عليه، فيحدث الغشاوة في البصر، والثقل في الأعضاء، والامساك في الهاضمة، وأن شربه حار يابس مجفف معطش، مضر بالقلب والدماغ، ويورث الحفقان ويغلظ الدم؟ 
ولما اكد هذا الطب الحديث، حيث اكتشف الأطباء المعاصرون ضرر التدخين وأثره على صحة الإنسان، فقد جاء في تقرير لجنة خبراء منظمة الصحة العالمية تحت عنوان " التدخين والصحة ": (1) 
" إن تدخين السجائر يلعب دورا رئيسيا في حدوث كثير من الأمراض، اكثرها أهمية أمراض قصور الدورة التاجية للقلب، وسرطان الرئة، والالتهابات القصبية (الشعبية) المزمنة،. وانتفاخ الرئتين، وعلاوة على هذه الأمراض التي تعتبر سببا رئيسيا للوفاة، فان تدخين السجائر يتسبب ني العديد من الأمراض التى تؤدي إلى عجز مؤلم وواسع النطاق، ناتج عن أمراض الصدر والقلب،كما  أن هناك علاقة ببن انتشار قرحة المعدة والاثنى عشري وبين التدخين،كما أن التدخين له علاقة بسرطان الفم والحنحرة والبلعوم ". 
يضاف إلى ذلك ما ورد فى كتاب " التدخين وأثره على الصحة ": (1) 
يقول تقرير الكلية الملكية للأطباء للمملكة المتحدة عام 1977، إن كمية النيكوتين الموجودة في سيجارة واحدة كفيلة بقتل إنسان في أوج صحته، لو اعطيت له هذه الكمية من النيكوتين بواسطة إبرة فى الوريد. 
كما يؤكد تقرير منظمة الصحة العالمية: أن الوفيات الناتجة عن التدخين هي اكثر بكثير من جميع الوفيات الناتجة عن الأمراض الوبائية مجتمعة، وأن تدخين السجائر فى العصر الحديث يسبب من الوفيات ما كانت  تسببه أشد الأوبئة خطرا في العصور السالفة. 
" وقد أثبتت الإحصائيات الدقيقة في أوربا وأمريكا أن كثيرا من المدخنين " يعيشون حياة تعتريها الأمراض والأسقام، ولهذا تتجه الحكومات، وخاصة في البلاد المتقدمة، إلى بذل المجهودات لمحاربة التدخين والتقليل من آثاره الضارة. " وقد نشرت مجلة الطبيب البريطانى بحثا جاء فيه:- إن التدخين يؤدي إلى إضعاف الذاكرة، وذلك لأن المدخنين يعانون من تأثيرات التدخين السيئة علي الذاكرة، وهو يؤدي إلى حدوث تصلب الشرايين وجلطات القلب والمخ.. 
" ويقول مدير الحملة المناهضة للتدخين في بريطانيا: إن الدراسات قد أثبتت أن هناك خطرا ملموسا على الصحة، إذا تواجد شخص غير مدخن في وسط يشيع فيه دخان السجائر.. "  
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
(1) للدكتور محمد علي البار عضو الكلية الملكية للأطباء، ص 36، 39، 43، 46، 48. 
لما كان ذلك؟ 
وكان المقرر في الإسلام أن الضروريات الخمسة هى حفظ الدين، و العقل، والنفس، والمال، والعرض، وأن المسلم منهي بنصوص القرآن والسنة عن أن يتسبب في قتل نفسه أو يودي بها إلى التهلكة. قال تعالى (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة  "البقرة 195 " وقال جل شأنه (ولا تقتلوا أنفسكم ) "النساء29: " 
 وكان المسلم مسئولا  أمام الله سبحانه، عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، 
وعن جسمه فيم أبلاه. كما جاء في الحديث الشريف " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى تسال عن عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم فعل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه " (رواه الترمذى) . 
وكان في الافراط فى التدخين إسراف وتبذير منهى عنه شرعا في قوله تعالى: (ولا تبذر تبذيرا " الإسراء26 " وفيه إرهاق وتقتير لغير القادرين، لأنه يحرمهم من ضروريات الحياة. 
وإذ كان ذلك؟ 
اصبح واضحا جليا أن شرب الدخان- وان اختلفت أنواعه وطرق استعماله- يلحق بالإنسان ضررا بالغا - إن آجلا او عاجلا- في نفسه وماله، ويصيبه بأمراض كثيرة متنوعة وبالتالي: يكون تعاطيه ممنوعا بمقتضى هذه النصوص، ومن ثم فلا يجوز للمسلم استعماله بأي وجه من الوجوه- وأياً كان نوعه- حفاظا على الأنفس والأموال، وحرصا على اجتناب الأضرار التى أوضح الطب حدوثها، وإبقاء على كيان الأسر والمجتمعات، بإنفاق الأموال فيما يعود بالفائدة على الإنسان في جسده ويعينه على الحياة سليما معافى، يؤدي واجباته نحو الله ونحو أسرته، فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف. 
والله سبحانه وتعالى أعلم،، 
الحكم الشرعي في التدخين 
لفضيلة الدكتور  
عبد الجليل شلبي 
عضو مجمع البحوث  الإسلامية 
التدخين الآن عادة شائعة بين الناس، قلما يخلو منها بلد متحضر أو بدائي. وهذا الشيوع أوهم الكثيرين أنه عمل مباح، ليس حراما ولا مكروها. 
ولم يكن التدخين موجودا في عصر الرسالة ولا في عصر تدوين الفقه من الأئمة الأولين، أصحاب المذاهب الفقهية. لذلك لم يرد فيه قرآن ولا سنة، ولا حكم فقهي من أصحاب المذاهب. وعندما وجد التدخين في القرن السادس عشر الميلادي تقريبا، نظر الفقهاء المعاصرون في حكمه على قدر ما انهي اليهم من المعلومات عنه، وكان قصارى ما يفعلون أن يلجؤوا إلى القياس ، ولم يثبت لديهم أن في التدخين ضررا صحيا، فكان نظرهم إلى متعاطيه أكثر من نظرهم إلى المادة التي تدخن. وقد قيل لهم إنه لا ضرر فيه، فاعتبر مشروبا من المشروبات الأخرى المباحة في حد ذاتها. وبالنسبة للمدخن اعتبروه مما. تعتريه الأحكام الشرعية الخمسة، ولم تتفق كلمتهم في الحكم عليه: 
أ- فهو مباح للشخص الموسر الذي لا يؤثر  تعاطي الدخان في ماليته ولا على صحته، فهو كالشاي والقهوة وما إلى ذلك. 
2- وهو مكروه بالنسبة للرجل قليل المال، إذا لم يكن لثمنه أثر فيما يحتاج إليه لمعيشته ومعيشة من يعول، ولا تتأثر صحته بتعاطيه. 
3- وهو حرام بالنسبة للفقير الذي يحتاج إلى ثمنه لأسباب معيشته، كا هو حرام إذا كان له أئر سىء على الصحة. 
4- وهو مستحب مندوب لمن يستعين به في النشاط لبعض أعماله، شأنه شأن القهوة المنبهة. 
5- وهو واجب إذا ثبت أن فيه علاجا من مرض من الأمراض، فهو إذن  كالدواء الذي يجب تعاطيه لأجل الصحة. 
هذا ا هو مجمل أقوالهم ، وواضح أنهم ركزوا أحكامهم على حال المدخن، كما أنهم احتاطوا للحالة الصحية، وإن لم يثبت في عصرهم هذا الضرر الصحى. وقد حرمه على الإطلاق بعض المجتهدين، ومنهم الوهابية، حتى بالنظر إلى الموسر المليء. وقالوا إن من ضياع المال في غير فائدة وانه لا جدوى وراءه، وأولى أن ينفق ثمنه- وإن قل- فى شىء نافع. وضياع أى مال فيما لا فائدة منه من التبذير والاسراف الذى نهى الله عنه، وهو مخالفة لسنة الله في الاقتصاد. وقد امر المتطهـر من الماء أن يقتصد في استعماله، ولو كان على شاطىء نهر. والمال القليل يؤثر في ثروة الثري أكثر مما يؤثر إسراف المتوضىء فى ماء النهر. وقد لعن الله المبذرين ووصفهم بأنهم إخوان الشياطين، ونهى عن الاسراف حتى في المباحات فقال سبحانه (وكلوا وا شربوا ولا تسرفوا) (الأعراف 31). 
ومع وجاهة هذا الرأىا فإنه كذلك ينظر إلى حال الشخص المدخن، ويفترض أن التدخين لا يؤثر في الصحة العامة. 
وقد ثبت الآن أن التدخين له أثر كبير على صحة الشخص المدخن، وأن أضراره لا تقتصر عليه، بل تتعداه إلى مجتمعه ثم إلى ذريته. وقد وقف الباحثون على أضرار كثيرة له ذكرتها الكتب والنشرات المختصة.  
 ربما لا يظهر على المدخن ضرر صحي وهو في أيام شبابه واكتمال قواه، ولكنه في الواقع يحمل أدواء  دفينة بسبب التدخين، تظهر عند شيوخته وضعفه. وبعض الأطعمة حرمت لما فيها من الضرر الصحى أو توقعه . فالميتة والدم والسموم كلهما محرمة، لما فيها من ضرر على الجسم. وحرمت الأفاعى والحيات خشية سمومها، ولذا أباح الامام مالك أكل الأفعى المأمونة السم، فالتحريم إذن لضرر  معلوم أو يخشى أن يحدث. 
وحيث ثبت أن التدخين ذو ضرر محقق، أو على الاقل لا يؤمن حدوثه، فهو محرم شرعا .وتحريمه يرجع إلى السببين الرئيسيين: وهما إضاعة المال وتعريض الأجسام  للأمراض.كما ثبت أنه لا أثر له في تنبيه الذهن وتنشيط الاجسام، وأنه لا دواء فيه لأي مرض. ولكن المدخنين بعد أن يتورطوا في تعاطي الدخان، يصبح تركه شاقا عليهم، ويخيل إليهم أنهم يتداوون به، وهو خطأ، لأنه في الواقع يزيدهم مرضا علي مرض. 
وبعد أن قرأت النشرات الطبية العديدة التي توضح آثار التدخين وأضراره الصحية والاجتماعية أقول انه حرام قطعا ويجب على المدخنين أن يقلعوا عنه، وعلى غير المدخنين أن يتحاشوه. والله أعلم. 
الحكم الشرعي في التدخين 
لفضيلة الدكتور 
حامد جامع 
أمين الجامع الأزهر سابقا 
خبير موسوعة الفقه الإسلامي بالكويت 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء وإمام المرسلين. 
وبعد :  فمن العادات التى فشت بين الرجال والنساء والشباب والصبية - وحتى الأطفال- عادة التدخين، وقد أصبحت تلك العادة بعد هذا الفشو والانتشار ظاهرة خطيرة، يشفق منها المعنيون بالصحة وعلماء الدين معا، وذلك لما لها من آثار مدمرة في صحة أبناء هذا الجيل ومن يلونهم من أبناء الأجيال المقبلة، الذين تناط  بهم الآمال لعمارة الدنيا وحراسة الدين. 
و.قد نشط علماء الدين والطب- وغيرهم- لمواجهة هذه الظاهرة المدمرة ومقاومة انتشارها، وذلك ببيان أضرار التدخين وأخطاره، وبتوضيح الحكم الشرعي للتدخين. 
والحكم الشرعي لشىء ما، هو وصف الشرع له بالوجوب أو الندب أو الإباحة أو  الكراهة أو التحريم، وهي الأحكام الشرعية الخمسة، وهى من عند الله تعالى، كما قال سبحانه: (ان الحكم إلا لله  (يوسف 67). وقد عرف الفقهاء والأصوليون الحكم الشرعي بأنه: خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير (1) ". 
ومعنى أن الحكم الشرعي من عند الله تعالى: أن يكون مستندا إلى أصل شرعي معترف به قي شريعة الله تعالى، أو بعبارة أخرى: يكون مستنبطا من دليل معتبر شرعا وليس من دليل عقلي محض. 
والأدلة الشرعية المعتبرة التى تقوم عليها الأحكام الشرعية هي: كتاب الله تعالى وسنة النبي صلي الله عليه وسلم والإجماع، والقياس، والفقيه حين يعرض عليه أمر ليفتي فيه، يبحث عن الحكم في  كتاب الله تعالى أولاً ، فإن لم يجده في كتاب الله تعالى، التمسه في سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فإن لم يجده التمسه قي إجماع الفقهاء المجتهدين، فإن لم يجد فيه إجماعا اجتهد رأيه وأعمل القياس بضوابطه وشروطه. 
والتدخين لم يرد فيه- باسمه المعروف- نص فى كتاب الله ولا في سنة رسوله صلي الله عليه وسلم ، ولم يؤثر فيه إجماع من فقهاء الصحابة أو التابعين أو غيرهم من الفقهاء، ولم ينقل فيه شىء عن الأئمة المجتهدين أصحاب المذاهب الفقهية: أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل،  لأن التدخين لم يعرف في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم ، ولا في عهود الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة، وكان ظهوره في القرن السادس عشر الميلادي حين أدخل المكتشفون الأسبان لأمريكا عادة التدخين إلى بلادهم ومنها إلى فرنسا، ثم بقية بلدان العالم. 
ومنذ عرف المسلمون التدخين في أواخر القرن العاشر الهجري وأوائل القرن الحادي عشر (2)- اجتهد الفقهاء في الحكم الشرعي له، ولكنهم اختلفوا، فذهب معظمهم إلى أنه حرام، وذهب آخرون إلي أنه مكروه، وقال غيرهم إنه مباح ، وتوقف في الحكم آخرون. 
وسنعرض- بإيجاز- أقوال بعض هؤلاء الفقهاء. 
أولاً: الفقهاء الذين قالوا إن التدخين حرام 
ا- الفقيه الحنفي الشيخ الشرنبلالي: قرر ذلك صراحة، ونظم خلاصة فتواه في قوله:  
ويمنع من بيع الدخان وشربه  وشاربه في الصوم لاشك يفطر. 
2- الفقيه الحنفى الشيخ إسماعيل النابلسي: نقل أن للزوج منع الزوجة من اكل الثوم والبصل وكل ما ينتن الفم، ثم قال: ومقتضاه المنع من شربها التتن- الدخان- لأنه ينتن الفم، خصوصا إذا كان الزوج لايشربه، أعاذنا الله تعالى منه. 
3- الفقيه الحنفي الشيخ المسيري: قال تلميذه الشيخ إسماعيل النابلسي: وقد أفتى بالمنع من شربه- الدخان- شيخ مشايخنا المسيري وغيره. 
4- الفقيه الحنفي الشيخ العمادى: جاء في حاشية ابن عابدين: " أقول: ظاهر كلام العمادي أنه مكروه تحريما ويفسق تعاطيه ". 
5- الفقيه الحنفى محمد علاء الدين الحصكفى: جزم في " الدر المنتقى " بالحرمة، لكن لا  لذاته، بل لورود النهي السلطاني عن استعماله (3). 
6- الفقيه المالكي الشيخ ابراهيم اللقاني: قال بحرمته وألف فيه رسالة نحو الكراستين. 
7- الفقيه المالكي الشيخ سالم السنهوري: نقل فتواه تلميذه الشيخ إبراهيم اللقاني قال: في أوائل شيوعه- أي الدخان-- بمصر، دخل به رجل من بلاد المغرب يقال له أحمد بن عبد الله فسأل عند شيخنا وقدوتنا العلامة سالم السنهورى فأفتاه بالتحريم، ولازم شيخنا رحمه الله تعالى الافتاء بذلك إلى أن مات، لم يخالفه فى ذلك مخالف،وشاهدت ذلك منه سماعا وكتابة، وتابعه على ذلك أهل الدين والصلاح من الحنفية وغرهم (4). 
8- الفقيه الشافعي الشيخ شهاب الدين القليوبي: قال: "... كل جامد فيه تخدير وتغطية للعقل طاهر وإن حرم تناوله لذلك كما قال بعض مشايخنا: ومنه الدخان المشهور وهو كذلك، لأنه يفتح مجارى البدن ويهيئها لقبول الأمراض المضرة، ولذلك ينشأ عند الرجل الترهل والتنافيس ونحوها، وربما أدى إلى العمى. وقد أخبر من يوثق به أنه يحصل منه دوران الرأس أيضا، ولا يخفى أن هذا أعم ضررا من المكمور  الذي حرم الزركشي أصله لضرره . 
9- الفقيه الشافعي الشيخ النجم الغزي : نقل عنه صاحب " الدر المختار " قوله: والتتن- أحط الدخان- الذي حدث يدعى شاربه أنه لا يسكر، وإن سلم له فإنه مفتر، وهو حرام. لحديث أحمد عن أم سلمة قالت: " نهى رسول الله صلي الله عليه وسلم  عن كل مسكر ومفتر" وليس من الكبائر تناوله المرة والمرتين، ومع نهي ولي الأمر عنه حرم قطعا، على أن استعماله ربما أضر بالبدن. نعم، الأصرار عليه كبيرة كسائر الصغائر (6). 
10- الفقيه الشافعي الشيخ سليمان البجيرمي قال: وأما الدخان الحادث الآن المسمى بالتتن- لعن الله من أحدثه- فإنه من البدع القبيحة، فقد أفتى شيخنا الزيادي أولا بأنه لا يفطر، لأنه لم يكن يعرف حقيقته، فلما رأى أثره بالبوصة التى يشرب بها رجع وأفتى بأنه يفطر (7). 
11- الفقهاء الحنابلة النجديون: قال الفقيه الحنبلي الشيخ مصطفى الرحيباني: وكل مذهب من الأربعة فيهم من حرمه، وفيهم من كرهه، وفيهم من أباحه، ولكن غالب الشافعية والحنفية قالوا إنه مباح أو مكروه، وبعض منهم حرمه، وغالـب المالكية حرمه، وبعض منهم كرهه، وكذا أصحابنا، لاسيما النجديون، إلا أن لم أر من الأصحاب من صرح فى تأليفه يالحرمة (8). 
هذه هى أقوال الفقهاء المتقدمين في تحريم التدخين، أما الفقهاء المعاصرون قد ذهب كثير منهم إلى تحريم التدخين، ومن هؤلاء: 
أ- لجنة الفتوى بالأزهر الشريف: وجاء فى فتواها بشأن الدخان: 
"... شرب الدخان ثبت يقينا من أهل المعرفة والاختصاص والمؤتمرات الطبية العالمية. ضرره بالصحة، لما يسببه من سرطان الرئة والحنجرة والإضرار بالشرايين،كما أنه ضار بالمال لانفاقه فيما لا يعود على الإنسان بالفائدة، وقد نهى الرسول صلي الله عليه وسلم عن كل ما يضر بالصحة والمال، ففي الحديث الشريف " لا ضرر ولا ضرار ". 
لهذا نرى حرمة شرب الدخان واستيراده وتصديره والاتجار فيه، والله تعالى أعلم.  
2- المؤتمر الإسلامى العالمي لمكافحة المسكرات والمخدرات: وقد أفتى العلماء المجتمعون في هذا المؤتمر بتحريم استعمال التبغ وزراعته والاتجار به.  
3- الشيخ محمد ابراهيم آل الشيخ، المفتى الأكبر السابق في المملكة العربية السعودية وقد جاء في فتواه: " لا ريب في خبث الدخان ونتنه، وإسكاره  أحيانا وتفتيره ، وتحريمه بالنقل الصحيح، والعقل الصريح، وكلام الأطباء المعتبرين. 
أدلة القائلين إن التدخين حرام: 
استدل القائلون بتحريم التدخين بما يلي: 
1- كون التدخين مضرا بالصحة بإخبار الأطباء المعتبرين، وكل ما كان كذلك يحرم اتفاقا. 
2- كونه من المخدرات المنهى عن استعمالها شرعا، لحديث أحمد عن أم سلمة رضى الله تعالى عنها "نهى النبى صلي الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر " 
والدخان مفتر. 
3- كون رائحته الكريهة تؤذى الناس الذين لا يستعملونه، وعلى الخصوص في مجامع الصلاة ونحوها، بل وتؤذي الملائكة المكرمين، 
وقد روى الشيخان في صحيحيهما عن جابر رضى الله عنه مرفوعا 
" من اكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا وليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته " 
ورائحة التدخين ليست أقل كراهة من رائحة الثوم والبصل، وفي الصحيحين أيضا عن جابر رضى الله عنه: " إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الناس " وفي الحديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم " من آذى مسلما فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله " (رواه الطبراني في الأوسط عن أنس رضى اللة عنه بإسناد حسن). 
4- كونه سرفاً ، إذ ليس فيه نفع مباح خالي عن الضرر، بل فيه الضرر المحقق بإخبار أهل الخبرة . 
ثانيا: الفقهاء الذين قالوا إن التدخين مكروه . 
ا- الفقيه الحنفى الشيخ العمادي:كما نقله عنه صاحب " الدر المختار "، ولكن ابن عابدين عقب ذلك بأن ظاهر كلام العمادي أنه مكروه تحريمأ ويفسق متعاطيه . 
2- الفقيه المالكى الشيخ محمد عليش: قال: أفتى اللقاني بتحريمه، وأفتى الأجهورى بعدم التحريم، واعتمد أكثر المتأخرين كلام الأجهورى، وإن كانت أدلة ا التحريم أقوى. وقال: الورع عدم شربه ويفهم من جملة فتاواه أنه يقول بكراهة التدخين. 
3- الفقيه الشافعي الشيخ عبد الله الشرقاوى: قال: " وأما الدخان فالمعتمد أن شربه مكروه. وقال القليوبي بحرمته لأنه يورث العمى والتنافيس والترهل واتساع المجاري فيه نظر. نعم من غلب على ظنه حصول الضرر حرم عليه، ولكن لا يختص به، بل عسل النحل الذي أخبر الله تعالى بأن فيه شفاء كذلك (1) ". 
4- الفقيه الحنبلي الشيخ مصطفى الرحيباني: قال: " وأما أنا فلا أشك في كراهته ". (16) 
5- الفقيه الحنبلي الشيخ منصور البهوتي قال الرحيباني: " وظاهر كلام الشيخ منصور- في آداب النساء الكراهة ". 
أدلة القائلين إن التدنجين مكروه 
استدل القائلون بكراهة التدخين بما يلى: 
ا- ما فيه من النقص في المال. 
2- كراهة رائحة فم شاربه، كأكل البصل النىء والثوم والكراث ونحوها. 
3- إخلال بالمروءة بالنسبة لأهل الفضائل والكمالات.  
ثالثا: الفقهاء الذين قالوا ان اباحة التدخين مباح 
ا- الفقيه الحنفي الشيخ عبد الغنى النابلسى: وألف في حله رسالة سماها " الصلح بين الإخوان في إباحة شرب الدخان " (18) 
2- الفقيه الحنفي الشيخ محمد أمين " ابن عابدين ": قال: إن ثبت في هذا الدخان إضرار صرف خالى عن المنافع فيجوز الافتاء بتحريمه، وإن لم يثبت فالأصل حله، مع أن في الافتاء بحله رفع الحرج عن المسلمين فإن أكثرهم مبتلون بتناوله، مع أن تحليله أيسر من تحريمه، وما خير رسول الله صلي الله عليه وسلم  بين أمرين إلا أختار أيسرهما، وأما كونه بدعة فلا ضرر، فإنه بدعة فى التناول لا فى الدين.  
3- الفقيه الحنفي الشيخ محمد العباسي المهدي: قال: الحكم الشرعى في شرب الدخان الذي لا يغيب العقل، ولا يضر الجسم، ولا يترتب علييه فتور ولا محظور شرعي، ولا ضرر في إسمتعماله.. هو الاباحة، وهو المرجح.  
4- الفقيه المالكى الشيخ علي الأجهوري: وألف فى إباحة الدخان رسالته " غاية البيان في حل شرب الدخان "  
5- الفقيه الشافعي الشيخ الشرواني حيث قال: ونقل في نفقة الزوجة وجوب الدخان المشهور، إن اعتادته.  
6- الفقيه الحنبلي الشيخ مرعي الكرمي: قال: ويتجه حل شرب الدخان، والأولى لكل ذي مروءة تركهما، أي القهوة والدخان . 
هؤلاء هم الفقهاء الذين قالوا بإباحة التدخين من المتقدمين، وقال بإباحته من الفقهاء المعاصرين: الا باحة. 
 2- الشيخ حسن مأمون:كما يفهم من فتواه بتاريخ 9 من جمادى الأولى 379  - 10 من نوفمبر 959 1 م)  
أدلة القائلين إن التدخين مباح 
استدل القائلون بإباحة التدخين بما يلي: 
ا- الأصل في الأشياء التي لا ضرر فيها ولا نص تحريم: الحل والاباحة حتى يرد الشرع بالتحريم. 
2- أن الحرمة والكراهة حكمان شرعيان لابد لهما من دليل، ولا دليل على تحريم التدخين أو كراهته. 
3- أنه لم يثبت إسكار الدخان ولا تفتيره ولا إضراره، بل ثبت له منافع. فهو داخل تحت قاعدة " الأصل في الأشياء الاباحة "، وإن فرض إضراره بالبعض لا يلزم منه تحريمه على كل أحد، فإن العسل يضر بأصحاب الصفراء الغالبة، وربط  أمرضهم، مع أنه شفاء بالنص القطعي. 
4- ليس الاحتياط في الافتراء على الله تعالى بإثبات الحرمة أو الكراهة اللذين لابد لهما من دليل، بل في القول بالإباحة التي هي الأصل. (26) 
ملاحظة عل الأقوال بإباحة التدخين 
جميع الفقهاء الذين قالوا إن التدخين مباح ناطوا  الاباحة بأنه لم يقم دليل شرعي على حرمته، ولم يثبت إسكاره أو تفتيره أو إضراره، حتى يكون حراما أو مكروها تحريما، فيدخل في قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة.. وقد أوردوا ذلك فى تفصيل أقواهم بالمراجع التى أشرنا إلى نقل هذه الأقوال منها. 
وقد ثبت- بعد اجتهاد هؤلاء الفقهاء- أن التدخين يفر بالصحة ضررا بالغا ويسبب - بالمشيئة- أمراضا يستعصى علاجها وتؤدي إلى الهلاك، وعلى ذلك يكون مناط الإباحة غير موجود، فترتفع الإباحة، ويكون للتدخين حكم شرعى آخر يمكن الوقوف عليه في ضوء ما يتوفر من الأدلة الشرعية التي نعرضها- بمشيئة الله تعالى وعونه- بعد إيجاز رأى الخبراء في آثار التدخين. 
رأي خبراء الطب فى التدخين 
ـ الأستاذ الدكتور عبد العزيز سامي أستاذ الأمراض الصدرية وعميد كلية الطب الأسبق بجامعة القاهرة  
قال: إن الأخطار الصحية للتدخين أصبحت من الوضوح والتحديد درجة لم يعد معها أي شك، وسنعرض فيما يلي ما تأكد إلى الآن: تدل الاحصاءات على أن نسبة الوفاة قبل سن الخامسة والستين ضعفاها في المدخنين عن غير المدخنين، وعلى أن التغيب عن العمل ثلاثة أمثاله في المدخنين، عنه في غير المدخنين، وأن نسبة سرطان الرئة من سبعين إلى تسعين ضعفا في المدخنين بالقياس لغيرهم، ونسبة انتشار النزلات الشعبية (القصبية) الرئوية والأمفزيما (انتفاخ الرئة) ستة أمثالها في المدخنين بالنسبة لغير المدخنين، والوفاة منها في المدخنين تسعة أمثالها في غيرهم، وأن خمسة وعشرين بالمئة من المتوفين بأمراض القلب بسبب التدخين، وأن للتدخين علاقة وثيقة بقرحة المعدة والاثنى عشري، وبأمراض الدورة الدموية الطرفية، وأن سن اليأس تتقدم في المدخنات، وأن وفاة الجنين والتشوهات الخلقية والولادة المبكرة أكثر في المدخنات عنها في غير المدخنات، وأن مخالطى المدخنين- خاصة في الأماكن القليلة التهوية- يتعرضبون للتأتيرات الضارة التى يتعرض لها المدخنون أنفسهم، وقد قدر أن ها يستنشقه المخالط تحت هذه الظروف يمكن أن يعادل تدخين سيجارة في الساعة . 
2- الأستاذ الدكتوراسماعيل السباعى عضو مجلس إدارة الاتحاد العالمي للسرطان: قال: تعتبر الأمراض التى تترتب على التدخين أهم وأخطر المسببات الأكيدة المعروفة لوفاة الانسان في وقتنا الحالي، فأمراض الأوعية الدموية والقلب والمخ تمثل خمسين بالمئة، والسرطان يكون ثلاثين بالمئة من مجموع الوفيات في أي دولة متقدمة، والتدخين من أهم العوامل التى تؤدى إلى هذه الأمراض، إلى جانب أمراض واضطرابات أخرى عديدة، كثير ما تؤدى أيضا إلى وفاة الانسان، مثل أمراض الرئتين . 
3- الأستاذ الدكتور شريف عمر أستاذ جراحة السرطان بجامعة القاهرة: جاء في تقرير له عن " الأضرار الصحية للتدخين " أن للتدخين أضرارأ أكيدة على الصحة، إذ يسبب حدوث السرطان، وكذا أمراض القلب وغيرها من الأمراض. 
ومن تلك الأمراض: سرطان الرئة، وسرطان الحنجرة، وسرطان الفم،وسرطان المريء، وسرطان المثانة، وسرطان الكلية،وسرطان البنكرياس، وأمراض القلب والأوعية الدموية كالجلطة وتصلب الشرايين التاجية (الاكليلية) والطرفية، وأمراض الرئتين. 
وللتدخين أضرار خاصة بالسيدات، إذ يؤدي إلى نقص نمو جنين الحامل المدخنة ونقص وزنه،كما يعرضه للعيوب والتشوهات الخلقية، وترتفع نسبة الوفاة في أجنة المدخنات قبل الولادة أو أثناءها بمقدار 28% عنها في أجنة غير المدخنات، ويبكر التدخين بسن اليأس بين المدخنات وللتدخين تأثير مباشر على الجنين، وتنتقل أضراره من دم الأم إلى الجنين عن طريق الحبل السري، ويمتد هذا التأثير إلى ما بعد الولادة حتى سن الحادية عشرة. 
وقد أقر هذا التقرير ورافق كتابة على ما تضمنه، الأستاذ الدكتور اسماعيل السباعى، والأستاذ عبد الباسط الأعصر أستاذ ورئيس (قسم بيولرجيا السرطان بمعهد الأورام القومي (29) 
4- الأستاذ الدكتور محمود محمد المرزبانى أستاذ كيمياء العقاقير والعلاج التجريبى للسرطان بمعهد الأورام القومى جامعة القاهر.ة: 
قال:. ثبت بما لايدع مجالا للشك أن التدخين يسبب العديد من الأمراض، أهمها أمراض الجهاز التنفسى والقلب وتصلب الشرايين،؟ أنه من أهم العوامل التي تساعد على تكوين سرطان الرئة والبلعوم والبنكرياس والمثانة، وثبت أيضا أن أضرار التدخين لاتقع فقط على المدخن بل تقع علي المحيطين به . 
5- الأستاذ الدكتور محـمد علي البار، عضو الكلية الملكية للأطباء: 
قال: لاجدال في ضرر التدخين، بل إن تأثير التدخين  السىء علي الصحة يعتبر الآن أشد من أخطار الطاعون والكوليرا والجدري والسل والجذام مجتمعة. 
إن آثار التدخين الضارة على الصحة تبدو مريعة مخيفة، إذا أدركنا أن ملايين البشر يلاقون حتفهم فى كل عام نتيجة إدمان التدخين، كما أن عشرات الملايين يعانون من أمراض وبيلة تجعل حياتهم سلسة متصلة من العناء والشقاء، وكل ذلك بسبب التدخين . 
وأهم الأمراض التى تصيب المدخنين: 
ا- الجهاز التنفسي: 
سرطان الرئة، وسرطان الحنجرة، والالتهاب الشعبي (القصبي) المزمن، الامفيزيما (انتفاخ الرئة). 
ب- القلب والجهاز الدورى (جهاز الدوران): 
جلطات القلب وموت الفجاءة، وجلطات الأوعية الدموية وما ينتج عنها من شلل، واضطراب الدورة الدموية في الأطراف وجلطاتها. 
ج- الجهاز الهضمي: 
سرطان الشفة، سرطان الفم والبلعوم، سرطان المرىء، قرحة المعدة والاثنى عشر، سرطان البنكرياس. 
د- الجهاز البولي: 
أورام المثانة الحميدة، وسرطان المثانة، وسرطان الكلى. 
ء- المرأة الحامل ولأطفال: 
كثرة الاجهاض، وقلة وزن الوليد، وزيادة وفيات المواليد، وزيادة الأجنة الميتة، وزيادة الالتهابات الرئوية لدى الأطفال الرضع. 
و- أمراض نادرة 
التهاب عصب الابصار والعمى، وزيادة أمراض الحساسية مثل: الربو والارتكاريا (الشرى)، والتهابات الجلد وأمراض الأنف والأذن والحنجرة، ومضاعفة أخطار ضغط الدم، والبول السكري، وارتفاع الكوليسترول، والسمنة المفرطة. 
وأضاف الدكتور البار: وجد أن خمسة سبعين بالمئة من مرضىشرايين الساقين هم من المدخنين، وخمسة بالمئة فقط من غير المدخنين، وبهذا يكاد المرض يكون مقتصرا على المدخنين فقط. 
ووجد أن المدخنين يواجهون خطرسرطان الفم والمريء والبلعوم والحنجرة بعشرة أضعاف ما يحتمل حدوثه بين غير المدخنين. وأن الوفيات الناتجة عن التدخين هي أكثر بكثير من الوفيات بالأمراض الوبائية مجتمعة. وأنه من بين كل ثلاثة مدخنين يلاقي واحد منهم . 
حتفه نتيجة التدخين. (31) 
في ضوء رأي خبراء الطب 
هؤلاء الأطباء الخبراء التقات، المعتبرة أقوالهم وتقاريرهم، ثبت لهم ولغيرهم من المؤسسات والهيئات العلمية والأفراد العلمين، من نتائج التجارب التطبيقية والبحوث المعملية (والمخبرية ) والاحصاءات التحليلية- كما أشير في أقوالهم وتقاريرهم التى نقلنا عنها- أن التدخين سبب للأمراض التي سبق ذكرها، والتي تؤدى غالبا إلى الهلاك والموت مع الايمان بأن الأمور كلها بيد الله تعالى وجودا وعدما، لكن الله ربط الأمور بأسبابها والنتائج بمقدماتها، وله جل شأنه- من قبل ومن بعد- الأمر كله. وقد أقرت الحكومات رأي خبراء، الطب وألزمت شركات إنتاج الدخان بأن تدون علي إنتاجها أن التدخين ضار بالصحة، ولو كان لها سبيل إلى الاعتراض لما أذعنت، ولاتخذت الاجراءات لدرء هذه الوصمة عن سلعتها وبذلك يتأكد ضرر التدخين.  
الحكم الشرعي في التدخين 
في ضوء الملاحظة السابقة على أقوال الفقهاء الذين قالوا إن التدخين مباح، وفي ضرب ما سلف من أقوال خبراء الطب وتقاريرهم عن الأضرار الصحية للتدخين والأمراض التى يسببها التدخين وتؤدي- تنفيذا لإرادة الله تعالى ومشيئته- إلى الموت والهلاك وأقوال هؤلاء العلماء الخبراء وتقاريرهم في هذا الشأن تمثل شهادة من الأطباء الخبراء المسملمين التقات الذين تعتبر شهادتهم فى ضوء ذلك، وإضافة إلى أدلة الفقهاء الذين قالوا إن التدخين حرام، يكون الحكم الشرعي الذى تطمئن إليه النفس أن التدخين حرام، لذلك، ولمايلى: 
أ- أن التدخين يضر صحة الانسان ضررأ فاحشا، ويفضى بنفسه إلى الهلاك، وقد نهى الله تعالى عن قتل النفس وإهلاكها في قوله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما (النساء29) وقد فهم السلف من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم  أن هذه الآية تمنع المسلم من تعريض نفسمه للأخطار أو المهالك، ومن ذلك احتجاج عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه بها حين امتنع من الاغتسال بالماء البارد حين أجنب في غزوة ذات السلاسل خوفا على نفسه منه، فقرر النبي صلي الله عليه وسلم احتجاجه، وضحك عنده، ولم يقل شيئا. (32) 
وروى أبو سعيد الخدرى رضى الله تعالى عنه ألآ رسول الئة ال قال: " لا ضرر ولا ضرار" (33) قال ابن رجب الحنبلي (34): وبكل حال فإن النبي صلي الله عليه وسلم إنما نفى الضرر والضرار بغير حق، ومما يدخل في عموم قوله لا " لاضرر " أن الله لم يكلف عباده فعل ما يضرهم البته، ولهذا أسقط الطهارة بالماء عن المريض، وأسقط الصيام عن المريض والمسافر، وأسقط اجتناب محظورات الاحرام كالحلق ونحوه عمن كان مريضا أو به أذى من رأسه وأمر بالفدية، وفى المسند عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قيل لرسول الله صلي الله عليه وسلم: أي الأديان أحب إلى الله؟ قال: " الحنيفية السمحة " ومن حديث عائشة رضى اللة عنها عن النبى صلي الله عليه وسلم قال: " إني أرسلت بحنيفية سمحة ". 
ومن هذا يتبين أن الضرر نفسه منتف في الشرع، وادخال الضرر بغير حق كذلك، ويكون الاضرار بالنفس بالتدخين حراما، لأن النهي عن قتل النفس وعن الضرر والضرار ورد في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله صلي الله عليه وسلم ، والنهى يقتضى التحريم إلا لصارف يصرفه عنه ولا يوجد. 
2- أن فى التدخين إتلاف المال وإضاعته، وقد نهى الشرع عن ذلك، روى المغيرة ابن شعبة ضي الله تعالى عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم  قال: "إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ومنع وهات، ووأد البنات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال " 
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : الأكثر حملوا قوله صلي الله عليه وسلم " إضاعة المال  على الإسراف في الانفاق  وقيده بعضهم بالانفاق في الحرام، والقتوى: أنه ما انفق في غير وجهه المأذون فيه شرعا، سواء كانت دينية أودنيوية، فمنع منه لأن الله تعالى جعل المال قياما لمصالح العباد وفي التبذير تفويت لتلك المصالح وأية إضاعة للمال أبلغ من إتلافه وحرقه حين يحرق التبغ الذي اشترى بهذا المال ولا يبقى منه إلا الدخان الذى يتبدد في الهواء، والتراب الذكر يتناثر على الأرض، والداء الذي يستقر في جسم الانسان فيضر صحته ويغتال حياته. 
والله سبحانه وتعالى نهى عن التبذير ووصف المبذرين بأنهم إخوان الشياطين.. فى قوله  عز وجل: وآت ذي القربي حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا ، ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا  (36) 
قال الإمام الشافعي رحمه الله: التبذير إنفاق المال في غير حقه، ولا تبذير في عمل الخير، وهذا قول الجمهور. (37) 
والمال الذي في أيدي الناس هو مال الله وهم مستخلفون فيه، فلا ينبغى أن ينفق إلا في طاعة الله تعالى، قال عز وجل: (آمنوا بالله ورسوله وانفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه ) وفي تفسير الآية يقول القرطبي رحمه الله : دل علي ان اصل الملك لله سبحانه وتعالى، وأن العبد ليس له فيه إلا التصرف الذي يرضى اللة.، فيثيبه علي ذلك بالجنة (38) وانفاق المال في التدخين ليس طاعة لله تعالى ولا إرضاء له عز وجل. وان الاقتصاد الوطني-كما قرر الخبراء- يتأثر بنسبة أيام العمل التى تضيع بسبب أمراض التدخين وتبلغ ملايين الأيام، وبما ينفق على التدخين وعلى علاج الأمراض الناتجة عنه. كذلك يتأثر اقتصاد الفرد بما ينفق على التدخين وعلاج الأمراض التي يسببها التدخين، وقد يكون الفرد أو تكون أسرته بحاجة إلى ما ينفق في التدخين وعلاج آفاته، فيضيع الفرد ماله، ويضيع من يعول و" كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت " كما قال صلي الله عليه وسلم  (39). 
3- أن الدخان من الخبائث التي نهى الله تعالى عنها في قوله سبحانه: (الذين يتبعون الرسول النيي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل، يأمرهم يالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث.... ! (40) والدخان خبيث عند ذوى الطباع السليمة وخبثه من حيث مذاقه المر ورائحته الكريهة، قال الشيخ- عليش: له رائحة كريهة وإنكارها عناد. (41). 
وخبث رائحة الدخان أهون مضاره، فما يسببه من أمراض وعلل أشد ضرراً وأوخم عاقبة من طعمه المر ورائحته الكريهة. 
وعلى ذلك يكون الدخان من الخبائث لمذاقه المر ورائحته الكرعة وأضراره البالغة وعواقبه الوخيمة، ويكون حراما. 
والله تعالى أعلم،، 
الحكم الشرعي في التدخين 
لفضيلة الدكتور 
زكريا البري 
أستاذ ورئيس قسم الشريعة الاسلامية بحقوق القاهرة 
عضو مجمع البحوث الإسلامية وعضو لجنة الفتوى بالأزهر 
عندما عرفت البلاد الاسلامية الدخان، وبدأ بعض المسلمين يشربونه، بدأ الفقهاء في الوقت نفسه، يبحثون حكمه، قياما بالواجب الدينى عليهم. 
فذهب بعضهم إلى تحريمه، ومن هؤلاء من تبنى هذا التحريم على أنه ضار بالجسم، يصيبه بالفتور والضعف، ويخدره بحيث يؤثر في احساسه وحركته ونشاطه، وقد صح عندهم قول الرسول صلي الله عليه وسلم الناهى عن كل مسكر ومفتر. 
ومنهم من بنى التحريم على ما عرف في هذا العصر من مضار عامة لشاربيه، 
الشريعة الاسلامية شريعة قامت على إباحة كل نافع، وتحريم كل ضار، بل انه إذا  جتمعت المنافع والمضار، ورجحت وغلبت هذه المضار، كان الحكم هو التحريم. وقد ثبت هذا المبدأ بتحريم الله - جلت حكمته- للخمر، وقد قال فيها:  (يسالونك عن الخمر والميسر ، قل فيهما إثم كيير ومنافع للناس ، وإثمهما أكبر من نفعهما ) (البقرة 219). 
وذهب آخرون إلى القول بكراهة شربه دون تحريمه، والكراهة مرتبة أقل من الحرمة  
ومن هؤلاء من بنى القول بالكراهة، على ما في شرب الدخان من ضرر قليل لايصل إلى درجة التحريم، ومنهم من بنى كراهته على سوء رائحته وخبثها والنفور منها. (2) وذهب غير هؤلاء وهؤلاء إلى القول بإباحة شربه وجوازه وحله. بناء على أن الأصل في الأشياء الاباحة، ومنهم من ألف الرسائل العلمية الخاصة بهذا الحكم وقالوا: إنه لم يثبت عندهم ضرر الدخان أو تفتيره بصفة عامة، بحيث يكون حراما أومكروها بالنسبة للناس جميعا. فإذا أضر الدخان بأحد الشاربين أو تيقن أو غلب على الظن، حصول الضرر له، حرم عليه أو كره له شخصيا دون غيره الذي لايضره شربه، كسائر المباحات، فإنها- مع إباحتها وحلها- يحرم تناولها على من تضر به، " كالمريض بالنسبة لبعض الأطعمة والأشربة الحلال. ثم ذهب بعض هؤلاء الفقهاء المبيحين إلى أن الأولى بأصحاب المروءة تركه رغبة في الوصول إلى مرتبة الكمال والحسن . 
ومع هذا ذهب بعض الفقهاء إلى أن شرب الدخان تعتريه الأحكام الخمسة. فيكون واجبا شربه، إذا تعين شربه طريقا إلى اعتدال المزاج، والقدرة على العمل الذهنى أو الحسى، مما يحصل لبعض من اعتادوا شربه. ويكون مندوبا أو مستحبا، إذا كان شربه يؤدي إلى زيادة في اعتدال المزاج والقدرة على العمل. 
ويكون مباحا، إذا كان يستوى حال شاربه، شرب أو لم يشرب. ثم يكون مكروها، إذا كان يضر صاحبه ضررا قليلا، أو كان يغلب على ظنه ضرره قبل شربه. 
ثم يكون حراما، إذا تحقق الضرر بالشرب، أو كان متحققا من حصول الضرر الشديد إذا شربه. 
وقد ساد القول بحل شرب الدخان، واشتهر قولا وعملا في البلاد الإسلامية. وأقبل علي  شربه كثير من الفقهاء الصالحين دون أن يجدوا في شربه أي حرج دينى، وكادت تقنصر الفتوى بحرمته أو كراهته على من يصيبهم ضرر في أبدانهم، أو أموالهم التى تبث ضد حاجتهم وحاجة أسرهم اليها. 
والآن- وقد حسمت البحوث الطبية والتجريبية الأمينة الأمر في هذا العصر (3)، وانتهت إلى اضرار الدخان بصفة عامة، وجزمت بها.. واستجابت لذلك كثير من  الحكومات، فاتخذت الاجراءات لمقاومة أضراره، فرفع بعضها أسعاره، لتقليل الاقبال عليه، أو منعت شربه في بعض الأماكن والتجمعات،كما فعلت مصر أخيرأ، بجهود نقيب الأطباء السابق الأستاذ العلامة الدكتور حمدي السيد، وألزمت شركاته باعلان مضاره لشاربه، بصورة واضحة، تنفره منه، حتى يتدبر أمره، ويعرف مصيره، فتقوى عزيمته، ويسميطر بإرادته على سلوكه، فيمتنع عن شرب الدخان، ويحض غيره على ذلك، ويكون قدوة حسنة، ورائدا فى ميدان الاصلاح الاجتماعي، ويسن سنة حسنة، يكون له أجرها ومثل أجر من تابعه فيها، من غير أن ينقص أجر التابع، كما جاء في السنة النبيوية. 
الآن- وقد حسم أهل الذكر والاختصاص الطبي االأمر- فإن حكم شرب الدخان-بصفة عامة- يدور بين الحرمة والكراهة التحريمية، لمن يدأ في شربه. 
ومراعاة لأحوال كثير من الناس، الذين اعتادوا شربه في وقت ساد فيه القول بحله، وكانت لهذه العادة سيطرة وتأثير عليهم، وقد يكون في تركه مرة واحدة كما فعلت أنا، صعوبة ومشقة زائدة غير محتملة عندهم، يكون الحكم- بالنسبة إليهم- هو وجوب التدرج في تقليل الكمية التي اعتادوا شربها، حتى يصلوا إلى القدر الضئيل الذي يخف ضرره أو ينعدم، أو يصلوا إلى الامتناع عنه امتناعا مطلقا، بحسب الوسع والطاقة، وفي حدود ظروفهم الصحية والمالية، ومع اختيار أخف الضررين باختيار الأنواع وطريقة الشرب التي تقل ضررا، وقد فعل ويفعل ذلك كثيرونا استجابة لاحساسهم بمضاره، أو امتثالا لنصائح الأطباء. 
وعليهم أن يبتعدوا عن شربه في المجتمعات، والأماكن المغلقة، بعد أن تبين أن ضرر شربه لا يقف عند صاحبه بل يتعداه إلى غيره. وإذا كان الشارب يضر نفسه ولا يبالي، شأن من لا يحتكمون إلى عقولهم بل إلى شهواتهم، فليس له أن يضر غيره، ولا ضرر ولا ضرار، والاسلام حريص على نظافة البيئة (4) فهى من حقوق الانسان. وقد بدأت في اتخاذ اجراءات رفع دعوي تعويض على المسؤولين عن التراخي الشديد في تنفيذ القانون الذي صدر أخيرا، بعد أن ناديت به في مجلة " لواء الاسلام " الدينيه، ثم في صحيفة " الأخبار " واسعة الانتشار، وفي صفحتها الأولى. فعلاج الأمراض الاجتماعية بمجرد إصدار قانون يبقى على الورق أمر له آثاره الخطيرة، وأهون منها ضررا عدم اصدار مثل هذا القانرن. 
هذا هو حكم شرب الدخان فى هذا الزمان وينبني عليه حكم الاتجار فيه، الذي يدور أيضا بين الحرمة والكراهة التحريمية، بالنسبة لمن يريد البدء في هذا الاتجار، لأنه- حينئذ- يتاجر في حرام ضار، أو في مكروه كراهة تحريمية، تقف علي حدود الحرام. 
أما من نظموا حياتهم على إلاتجار فيه بصورة أساسية أو تبعية، واعتمدوا عليه في تدبير مواردهم المالية، فإنه- تقديرا لحاجتهم وبقدرها- ينبغي عليهم التدرج في عدم الاتجار فيه شيئا فشيئا، مع الامتناع عن بيعه للشباب الذين يحاولون تقليد غيرهم في عادة ضارة، ويريدون البدء في شربه، ولن ينقصهم شىء إذا لم يشربوه، ثم الاعتماد شيئا فشيئا في كسب ارزاقهم على الاتجار في الحلال الطيب النافع، إلى أن تنتهي هذه المرحلة الانتقالية، من جيل اعتاد شربه، الى أجيال أخرى ينبغي أن لا تشربه. 
ويجدر إصدار قانون ينظم الاتجار في الدخان، بحيث يقصر بيعه وشربه مؤقتا على  من أدمنوا شربه، تمهيدا لمنعه منعا باتا، مع عدم إصدار تراخيص جديدة بالاتجار فيه، ومعاونة التجار الحاليين في الانتقال إلى الاتجار بغيره، وتدبير موارد مالية للدولة تعويضا عن مواردها من تجارة الدخان، وسيكون في الوفر العظيم الذي يققه منع شرب الدخان متسع لها ولأكثر منها. 
وعلى الله قصد السبيل، والله ولي التوفيق. 
  
  
الحكم الشرعي في التدخين 
لفضيلة الشيخ عطية صقر 
عضو لجنة الفتوى وبمجمع البحوث الاسلامية با لأزهر 
إن مكافحة أو مقاومة التدخين، سواء أكان حراما أم مكروها، أمر يقره الاسلام، لأنه يحب للمسلم أن يكون قويا املا في كل نواحيه الصحية والفكرية والروحية والاقتصادية والسلوكية بوجه عام، ولقد جاء في ذلك قول النبى صلي الله عليه وسلم  " المؤمن القوى خير وأحب الي الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز " (رواه مسلم). 
والصحة لها مكانة كبيرة في نظر الاسلام، لم يغفلها التشريع في كل التكاليف التي تحتاج إلى جهد بدني، كالصلاة والصيام والحج والجهاد، حيث خفف على المريض فبما هو معروف ومفصل في كتب الفقه، ومنع كل ما يؤثر على صحة الانسان حتى لا يضعف عن أداء واجباته الدينية والدنيوية، وقرر أن الصحة نعمة لا يفطن إلى قدرها كثير من الناس، ولا يحسمون بها إلا عندما يحرمون منها كما  يقول المثل السائر " الصحة تاج على رؤس الأصحاء لا يعرفه إلا المرضى " وقد قال النبى صلي الله عليه وسلم  " نعمتان مغبون فيما كثير من الناس، الصحة والفراغ " (رواه البخارى) أى يخسرهما إذا لم يحسن استغلالهما كما يخسر الانسان إذا باع شيئا ثمينا بثمن قليل. وجاء في الحديث الشريف أيضا " أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من النعيم أن يقال له: ألم نصح لك جسمك ونروك من الماء البارد " (رواه النرمذى) وقال بعض المفسرين لقوله تعالى (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم (التكاثر: 8) إن النعيم هو الصحة. 
وقد جعلها النبي صلي الله عليه وسلم  أحد ا لأركان الأساسية للشعور بالسعادة في الدنيا، فقال " من أصبح آمنا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها " (رواه الترمذى) وجاء في الحديث أيضا " سلوا الله العفو والعافية والمعافاة، فما أوقي أحد بعد اليقين خيرا من معافاة " (رواه النسائي). قال بعض شراح هذا الحديث: هذه الأمور الثلاثة تضمن إزالة الشرور الماضية بالعفو، والحاضرة بالعافية، والمستقبلة بالمعافاة. 
في مجال الوقاية ضد ما يصيب الصحة، نهى الاسلام عن كل ما يضر البدن والعقل، وحرم جميع المطعومات والمشروبات الضارة كالميتة ولحم الخنزير والخمر، ونهي عن إرهاق الجسم بكثرة السهر حتى للعبادة بقيام الليل أو بالصيام المرهق، ففي الحديث الشريف ((إن لربك عليك حقا ولبدنك عليك حقا " رواه البخارى) 
ونهى عن الاسراف في "تناول الحلال المباح، فقال (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين  (الأعراف: 31)  ونهى عن مخالطة المرضى منبها إلى خطر العدوى وأخذ الحذر من كل سوء. 
هذا في الصحة أما في المال فقد عنى الاسلام بالمحافظة عليه وحسن استعماله، فنهي عن إضاعته بانفاقه في غير وجهه الصحيح، فهو تبذير إن وضع في غير محله، وإسراف إن زاد عن حده، وكلا الأمرين مذموم، والله سبحانه وتعالى يقول (ولا تيذر تبذيرا ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين  (الاسراء26- 27)  
ويقول حتى في إخراج الزكاة (وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين  (الأنعام  141) وفي الحديث الشريف أن الله كره إضاعة المال (رواه البخارى ومسلم)، وكذلك جاء فيه النهي عن الضرر والضرا ر. 
ومن هذا المنطلق نقول: 
إن مكافحة التدخين تقوم على دعامتين اساسيتين، هما الوقاية والعلاج.  
والوقاية تستهدف الحيلولة دون الوقوع في خطره، كما  تحول دون الاستمرار فيه، وذلك بالنسبة لمن شرعوا في تجربته ولم يتوغلوا فيها، والعلاج هو محاولة إنقاذ من وقعوا في براثن الخطر، ولكل من الوقاية والعلاج أساليب ومظاهر نلقي عليها بعض الضوء من وجهة النظر  الإسلامية. 
إن من أساليب الوقاية، التوعية، التى تحذر من الإقدام على تجربة التدخين، فقد تقول للانسان نفسه أن يجربه ليعرف أثره، فاذا عرفه تركه وتخلص منه، ولكن من مارس التدخين ليخبره وقع في شراكه، وصعب عليه الإقلاع عنه والافلات منه. جاء في مأثور الأدب العربي أن اثنين من كبار الدهاة- أي واسعي الحيلة بعيدي النظر- قال أحدهما للآخر: أينا أدهى من الآخر  فقال: أنا، لأنني إذا وقعت في الشر عرفت كيف أتخلص منه، فقال له: بل أنا أدهى منك، لأننى أعرف الشر فلا أقع فيه. وبالفعل هو أدهى منه، لأن النجاة من الشر قبل الوقوع فيه مستطاعة ومؤكدة ولاتحتاج إلى جهد ومعاناة، أما النجاة بعد الوقوع فيه فمظنونة غير مؤكدة وتحتاج في الوقت  نفسه إلى جهد ومعاناة. 
والتوعية هي من باب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، الذي هو من خصائص الأمة التي جعلها الله خير أمة أخرجت للناس، والتناصح الذى يجب أن يسود بين أفراد المجتمع، ومن باب التعاون على الخير الذي هو من أبرز صفات المجتمع الراقي الناهض. والاسلام باعه طويل في هذا المجال، ونصوصه كثيرة نكتفى منها بقول الله تعالى (ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويامرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولئك هم المفلحون  " آل عمران: 104 " وقوله المؤمنون والمؤمنات بعضهم اوليا بعض يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) وقوله وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا على الاثم والعدوان  " المائدة 2 " وقول النبى صلي الله عليه وسلم " الدين النصيحة " (رواه مسدم) وقوله  ((من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فان لم يمستطع فبلسانه، فان لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الايمان " (رواه مسلم) وقوله " لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم " (رواه مسدم) أي الجمال الحمراء وهى من أكرم الأموال عند العرب. وتوعية المدمن بالمبادرة إلى العلاج، فيها اهتمام الانسان بغيره، بدلالته على الخير وتخليصه من الشر، وهو خلق إسلامي يحض عليه النبى صلي الله عليه وسلم  فيقول " ومن فرج عن مؤمن كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه " (رواه مسدم) ويحذر من التهاون فيه فيقول " من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم " (رواه الطبراني) ويقول " لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " (رواه البخاري ومسلم). 
أقول ذلك للتأكيد على أهمية التوعية وتشجيع القائمين بها، وأملا في إفادتها قي مجال المكافحة أكثر من غيرها من الوسائل، وبخاصة إذا اتبع فيها الاسلوب الحكيم القائم على الدراية بخصائص النفس البشرية وطرق التأثيز فيها، والله سبحانه يقول (ادع الي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة (النحل 125). وستنتهي التوعية الحكيمة بالاقتناع، والاقتناع اساس السلوك المستقر الآمن من التقلبات وا لنكسات. 
ومن الأساليب الحكيمة في التوعية تبديد الوهم المسيطر على بعضا العقول من أن في الدخان فوائد تغري  بتعاطيه أو الاستمرار في تناوله، وإبراز الأخطار التي لا يجوز التغافل عنها أمام الفوائد المتوهمة. فهو في الناحية الجنسية يضعفها، وقد وجدت في المدخنين حالات اضطراب شديدة في حركة الحيوانات المنوية، وعدم القدرة على الاخصاب، كما يقول الدكتور " كارل شيرن " من جامعة هامبورج الألما نية وهو في تبديد الهم أو نسيانه ذوأثر مؤقت وضعيف، بل قد يسلم إلى التمادى في التفكير في هذه الهموم. وفي الكسب المادى من وراء إنتاجه وألاتجار فيه لاتجوز الغفلة عن الخسائر الأدبية الأخرى التى تؤثر حتما، بطريق مباشر أو غير مباشر، على الصحة والاقتصاد لمن يمارسون هذا النشاط، ولغيرهم من أفراد المجتمع الذي يعيشون فيه ويتأثرون به قوة وضعفا. 
وفي الدول النامية بالذات يجب تنبيهها إلى خطورة انتاجه وتصديره، فإن ما يكسبونه من مادة لا يعوض الخسارة المترتبة عليه، وقد تنبهت الدول المتقدمة لخطورته فأخذت في الاقلاع عنه (فاعتبروا يا أولي الأبصار " الحشر 2 ". إن التوعية بتوضيح الرؤية وبيان الحقيقة، لايمكن الاستغناء عنها حتى مع سن القوانين لمكافحة التدخين، ذلك أن الاقتناع هو الضمان الأكيد للاخلاص في تنفيذ ما يوضع من تشريعات. وهذا هو أسلوب القرآن الكريم في أوامره ونواهيه، يشفعها غالبا بما يطلق عليه حكمة التشريع، لتنساق النفس إلى الامتثال بعد معرفة ما تجنيه من فوائد ما امرت به "، وأضرار ما نهت عنه. ومن أمثلة ذلك قوله تعالى (وأقم الصلاة ان الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر " العنكبوت: ه.، " وقوله (كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون " البقرة: 183 " وقوله في النهي عن الخمر والميسرة انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل انتم منتهون " المائدة: 91 " وفى نهيه عن الغيبة (ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم ان يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه " الحجرات. 
 فالنتيجة إذا كانت لها مقدمات صحيحة تقبلها العقل بسهولة، والحكم إذا كانت حيثياته صادقة اطمأنت إليه النفس وسارعت إلى تنفيذه ، وبدون الاقتناع والرضا لا يرجى لأى توجيه أن ينجح النجاح المطلوب، فالنفوس جبلت على بغض ما اكرهت عليه ولم تقتنع به، إن نفذته كان التنفيذ شكليا وفي أدنى الحدود، وتحاول التخلص من تبعته في غيبة الرقيب الذي فرضه، ويعيش الانسان في هذا الجو عيش المنافقين، الذين يظهرون غير ما يبطنون. ومن دواعى الاقتناع بالتوعية كون القائمين بها قدوة في الامتثال. وإذا كان الأطباء والدعاة والكتاب هم البارزون في هذا الميدان، وهو ميدان الدعوة ضد التدخين، فلا يصح أبدا أن يمارسوه، لأن ممارسته تعطي ايحاء للناس بأنهم غير صادقين في حملتهم هذه، لأن رجال التوعية لو كانوا صادقين، لكانوا أول من ينفذون. ذلك هو افتراض الناس، وهو امر لا يمكن إنكاره، ولهذا حذر الاسلام دعاة الخير من أن يظهروا بصورة مهزوزة أمام من يدعونهم إليه، فذلك يفقد الثقة في دعوتهم، أو يضعفها على الأقل، قال تعالى (يا ايها الذين امنو لم تقلون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله ان تقوا ما لا تفعلون " الصف 2، 3 " لي قال أتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم وانتم تتلون الكتاب افلا تعقلون ) " البقرة 44 " ومن الأقوال الحكيمة: 
لاتنه عن خلق وتأتي مثله   عار عليك إذا فعلت عظيم 
 يجب في التوعية المكتوبة أو المسموعة أو المرئية، أن تعرض المعلومات والحقائق بأمانة، فلا تعطى السلبيات في التدخين أكبر من حجمها، لأن الصور الواقعة يوازي بها الناس ما يرون ويسمعون ويقرءون من أساليب التوعية، فإن لم تكن متطابقة اهتزت الثقة وفقدت أثرها المطلوب. 
إن الله سبحانه وتعالى حين بدأ تحويل انظار الناس إلى ضرر الخمر والميسر، قال: (فيهما اثم كبير ومنافع للناس واثمهما اكبر من نفعهما  (البفرة 219) فكل خير يحمل شرا بقدر ما، وكذلك كل شر يحمل خيرا بقدر ما.  
أقصد بذلك أن يكون القائمون بالتوعية معتدلين في تحمسهم حتى لا يعطوا أمورا  غير صحيحة، فليس الناس جهلة، والصدق في العرض، والتصوير من أكبر العوامل على الاستجابة. 
لابد  أن تكون التوعية شاملة، بمعنى أن يكون في الجهاز القاائم بها أكثر من متخصص، ليتولى كل  منهم القطاع الذي يتناسب مع تخصصه، فلا تقتصر التوعية على الأضرار الصحية للتدخين، بل لابد فيها من الحديث عن الأضرار الاقتصادية والاجتماعية وغيرها. 
ذلك أن الوباء كالعدو المهاجم، والمجاهدون ضده لابد أن يتقاسموا المهام المختلفة التي تتطلبها المعركة، من قيادة وتموين وحراسة واستطلاع وما إلى ذلك. وهذا من باب التعاون الذي لا يجوز أن يتخلف أحد عن الاسهام فيه، يشير إلى ذلك قول الله تعالى (انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا باموالكم وانفسكم في سبيل الله ) (التوبة). 
ومن المفيد في هذا المقام، أن توضع برامج تدريبية للقائمين بالتوعية، يزودون بها بكل مايساعدهم في مهمتهم ، فإن المعلومات المبتورة أو المكشوهة قد تضر أكثر مما تنفع، ولعل مما يشير إلى ذلك تعبير القرآن الكريم عن الخبرة الكافية بالتفقه في الدين فى قوله تعالي (فلولا نفر من كل طلئفة منهم طائفة ليتفهموا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون ) (التوبة 122)  
 وكذلك من المفيد في التوعية بضرر التدخين، أن تكون جزءا أساسيا من التثقيف الصحي العام، فإن المعلومات يكمل بعضها بعضا، والأمراض المتعددة تتلاقى في كثير من الأسباب، مع التوصية بأن تبدأ التوعية بأسلوبا مناسب للنشائة في البيوت والمدارس، والقدوة في هذه السن لها أثرها الكبير في الالتزام، فهى توعية صامتة، لكنها نفاذة ومؤثرة تفوق في بلاغتها بلاغة اللسان. ومن هنا نرى الا سلام يعطي أهمية كبيرة لرعاية الآباء للأبناء، وقد صح في الحديث أن " الرجل راع على أهل بيته ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية على بيت، زوجها ووليده ومسئولة عن رعيتها " (رواه البخار!ط ومسدم) وجاء في الحديث النبوي قوله صلي الله عليه وسلم " مانحل والد ولده من نخل أفضل من أدب حسمن " (رواه الترمذي). 
إن أساليب التوعية لابد أن تتنوع ولا تتخذ شكلا واحدا، حتى لا يتبلد الحس بالمألوف فلا يجد له أثرا، وأن يستعمل فيها كل مبتكر جديد يكون أجدى وأنفع في التأثير، ولكل بيئة ما يناسبها، ولكل عصر ما يلائمه، فلكل مقام مقال،  البلاغة مراعاة مقتضى الحال. وهذا هو أسلوب القرآن الكريم في حشد الأدلة المتنوعة من مظاهر قدرة الله وأنواع نعمه لإثبات وحدانيته، والدعوة إلى الايمان والنصوص فى ذلك كثيرة وبخاصة في السور المكية، وفي ذلك يقول الشاعر: 
وفي كل شىء له آية  تدل على أنه الواحد تلك لمحة بسيطة عن أثر التوعية في الوقاية من الوقوع في خطر التدخين أو الاستمرار فيه، أو إهمال العلاج منه، وموقف الاسلام منها تنظيما وتشجيعا. 
أما العلاج بشقيه الوقائي والدوائي، فينبغى أن يكون على التدرج وبخاصة في حالة الادمان، فليس من السهل الاقلاع عن التدخين في هذه الحال مرة واحدة، والخبراء أدرى بخطوات هذا التدرج، ولنا في الاسلام أسوة حسنة فيما اتخذه من إجراءات لتحريم الخمر، فقد منعها أولا في أوقات معينة من اليوم وهي أوقات الصلاة، كما قال تعالي (يا ايها الذين امنوا لا تقربوا الصلاة وانتم سكاري حتى تعلموا ما تقلون ) (النساء: 43)  ثم حرمها نهائيا بعد أن استعد الناس نفسيا ولمسوا آثارها الخطيرة، فقال تعالى (يا ايها الذين امنوا انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون (المائدة:. 9).  وقبل أن يبدأ التحريم الجزئي، نبه الناس إلى مافيها من مضارتفوق مافيها من منافع، وتركت عقولهم توازن وتصل الى الحكم عن طريق الاقتناع بالبعد كما يكون إثمه اكبر من نفعه.  
ومن أساليب العلاج مع التوعية أيضا عمل الترتيبات اللازمة لعلاج حالات الإدمان، بالعقاقير أو بالأسلوب النفسي. والدين يحث كل مريض على السعى لعلاج نفسه.، حيث يقول النبى صلي الله عليه وسلم " يا عباد اللة تداووا، فإن الله لم يضع داء، الا وضع له دراء " (رواه الترمذي).:. كما يحث الاسلام على مساعدة المدمن على علاجه، بكل ما يمكن من وسائل،  فذلك من باب التعاون على الخير، والرحمة بالضعيف، والحديث الشريف يقول " مثل المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم متل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى " (رواه البخاري ومسلم). 
والعلاج التام يتطلب البحث عن الأسباب التى أدت إلى التدخين، ليعالج كل سبب بما يناسبه، ويكون العلاج جذريا وشاملا، سواء من هذه الأسباب ما كان اقتصاديا أو اجتماعيا أو نفسيا، وهو كما سبق يتطلب خبرات متنوعة. 
لقد تحدث المختصون عن أهمية النصح للمدخنين بأن يقللوا من عدد مرات التدخين، ومن استنشاق كمية كبيرة من الدخان، ونزع السيجارة من الفم بعد  كل نفس، وغير ذلك من محاولات العلاج المتأني المتدرج، كما تحدثوا عن البحث عن بدائل تحل محل التدخين وليست فيها خطورته، استغلالا للعامل النفسي بالذات في المساعدة على الإقلاع التام عن التدخين. والدين يشجع كل جهد يتخذ فى هذا السبيل. 
هذا، ومن وسائل العلاج، تدخل السلطة بإصدار التشريعات المختلفة لمقاومة التدخين، على النسق الذي اتخذته الدول الأجنبية. وتتضمن هذه القرارات: 
ا- منع بيع السجائر لصغار السن. 
2- وضع تحذيرات على علب السجائر بأساليب مختلفة. 
3- تخفيض نسب المواد الضارة في الدخان. 
4- تفضيل غير المدخنين على غيرهم في تولية  المناصب، وبخاص القيادية منها  وفي الترقيات والمنح والامتيازات الأخرى، تشجيعا لغيرهم على الإقتداء بهم. 
5- حظر التدخين في الأماكن العامة كالحدائق ووسائل الإنتقال المشتركة والاجتماعات المغلقة، وذلك لحماية حق الناس في التمتع بجو نظيف، كما يخطر في الأماكن الخطرة التى فيها مواد قابلة للاشتعال، وذلك، لحماية الأموال ولأرواح. 
6- الحد من إنتاج الدخان وترويجه، وذلك بفرض الضرائب على المنتجين والمستفيدين منه. 
7- الحد من الاعلان عن السجائر بالوسائل الشديدة التأثير، كالتليفزيون والملصقات. 
8- منع من يظهرون على الشاشة من التدخين، حتى لا يكون في ذلك إيحاء للمشاهدين بأنه أمر عادي مألوف لا خطورة فيه،ومن سمات كبار الشخصيات. 
9- وضع عقوبة رادعة تتناسب مع حجم المخالفة للقرارات. 
إن هذه القرارات وأمثالها حق للحكومة بل من الواجب عايها أن تصدرها، حفاظا علما مصلحة الدولة، ومن الواجب على الشعب أن يحترص الا وينفذها، فالله سبحانه وتعالى يقول (يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم ) " (النساء: 59)، وهى طاعة في معروف لا في معصية. 
ولا يصح أن يقال- كما قيل عند صدور قرارات في الغرب- إن الحرية الشخصية لابد أن تظل مكفولة لكل إنسان، ولا يصح التدخل فيها. فهذا قول مردود عقلا وشرعا، وبخاصة في القطاع الذي يتصل بالحياة ألاجتماعية، فالتمتع بالحرية الشخصية حق ، لكن يقابله واجب، وهو الحفاظ على حق الغير في الأمن على حياته وصحته وماله وسائر الحقوق وهذا هر مقتضى العدل الذي يوازن بين خلق الفرد وحق الجماعة وقد كان النبي صلي الله عليه وسلم يأمر بإخراج من يأكل الثوم والبصل من المسجد، وينفيه إلى البقيع ليعيش مع الموتى. 
وأنبه إلى أن المهم في إصدار ا لقرارات أن يكون لها احترام في التنفيذ ، ليس فيها ظلم صارخ ولا تحيز لجهة من الجهات، بل تستهدف الصالح العام، وأن تكون مع إصدار القرارات مراقبة للتنفيذ، ولا تترك للضمائر وحدها، فليست كل الضمائر على المستوى الذي لا يحتاج إلى مراقبة للتنفيذ. 
وأنبه من يقومون براقبة التنفيذ إلى خطورة التهاون فيها، سواء أكانت المراقبة فردية أم جماعية يقوم بها جهاز خاص، ويكفي في التحذير من التهاون ماجاء في المأثور أن الولد يتعلق برقبة أبيه يوم القيامة ويقول: يارب خذ لي حقي من هذا الذى ظلمني. فيقول أبوه ، كيف ظلمتك؟ ألم أطعمك، ألم أكسك…؟ فيقول: بلى، ولكنك كنت تراني على المعصية ولا تنهاني. 
إن اليوم الذى نصل فيه إلى تربية الضمير سينحل فيه كثير من المشكلات بسهولة ، ولهذا اهتمت كل الدعوات الدينية التي جاءت بها الرسل، اول  ما اهتمت، بغرس العقيدة القوية في النفوس، بأن الله رقيب مطلع علي عباده، يعلم السر وأخفى، وهو أقرب إلى الانسان من حبل الوريد (ما يكون من نجوي ثلاثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم ولا ادني من ذلك ولا اكثر الا هو معهم اينما كانوا ثم بنبئهم بما علموا يوم القيامة ان الله بكل شيء عظيم ) " المجاد لة: 7 ". 
(ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب او القي السمع وهو شهيد " صدق الله العظيم، وبالله  التوفيق. 
الحكم الشرعي في التدخين 
لفضيلة الشيخ 
مصطفى محمد الحديدي الطير  
عضو مجمع البحوث الإسلامية 
التدخين أمر مستحدث، ففد نص الامام اللقاني في رسالة له في شأنه، على أنه ظهر في أواخر القرن العاشر الهجري، ولهذا لم ينزل نص قرآني بخصوصه كما نزل بشأن الخمر التى كانت شائعة وقتئذ، فظن كثير من الناس أن شربه مباح، فأقبلوا عليه يتعاطونه تدخينا في لفافات أو على النارجيلة (الشيشة) أو الجوزة، أو اسمتنشاقا بمسحوقه أو مضغا له. 
والواقع أن الناس يخطئون في زعمهم أنه حلال، لخلو القرآن من بيان حكمه بخصوصه، فإن مصدر الأحكام في الاسلام إما نصوص خاصة بموضوع الحكم، واما نصوص عامة تتناوله وتتناول سواه مما كان على شاكلته، إما الاجاع وإما القياس، وهذا ما تمتاز به الشريعة الاسلامية. 
والقرآن والسنة هما المصدران الرئيسيان للأحكام في الاسلام، وقد جاء فيهما ما يدل على حرمته، لأنه ضار بالصحة حالا أو مآلا، وكل ما كان كذلك فهو حرام في جميع الشرائع، وبخاصة شريعة الإسلام، فقد قال تعالى (ولا تلقوا بايدكم الي التهلكة) (البقرة 195) فهذه الآية بعموم نصها تقتضى النهي عن كل فعل يؤدي بصاحبه إلى التهلكة، ويدخل في ذلك الدخان لما سنبينه بعد، وقال صلي الله عليه وسلم  " لا ضرر و لا ضرار " فهذا نفى مراد منه النهي والتحريم لكل ما يضر النفس أو الغير، وتناول الدخان يضر النفس بيقين، وكل ما يضر النفسي حرام نصا وعقلا. 
أعلنت منظمة الصحة العالمية الحرب على شرب الدخان لأضراره، وجعلت لها هذا الشعار: " التدخين أو صحتك، عليك أن تختار ". وأعلن خمسة عشر ألف طبيب في بريطانيا أنهم تركوا شرب الدخان لثبوت أضراره، وأعطوا المثل والقدوة لغيرهم. 
ويقول دكتور حمدى السيد نقيب الأطباء: إن نقابة الأطباء في مصر- إذ تشارك في تلك الحملة العالمية على التدخين، تهيب  بكل الهيئات الأخرى أن تساهم في الحد من خطورة التدخين، وتناشد الأجهزة التنفيذية والتشريعية بضرورة الاسراع في وضع التشريعات للحد من خطورة التدخين وحماية المواطنين- وخصوصا النشء منهم - من شرور هذه العادة القاتلة التى تحمل أخطار  للإنسان لا سبيل إنكارها، وتهدد سعادته وحقه في الحياة الطبيعية، التي تشكل إسهاما أساسيا وفعالا في نمو مجتمعه نحو التقدم والرخاء. 
ولقد أجمع الأطباء الموثوق بمهم في العالم، على أن التدخين ضار بالمدخنين، ولهذا ألزمت الحكومات المتمدينة- بحكم القانون- شركات التبغ أن يكتبوا على كل علبة منه التحذير الآتي: " للتدخين أضرار أكيدة على الصحة، إذ يسبب حدوث السرطان وأمراض القلب والصدر وغرها من الأمراض ". 
وقد ذكر الأطباء مضار التدخين لمختلف أجهزة البدن بالتفصيل. 
وكما أن التدخين ضار بالصحة، ففيه تبذير للمال وإضاعته في الضرر، قال الامام الشافعي: إن التبذير إنفاق المال في غير حقه، وقال أشهب عن مالك: التبذير هو أخذ المال من حقه ووضعه في غير حقه، وهو حرام لقوله تعالى في سورة الاسراء (ولا تبذر تبذير ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين وكان الشيطان بربه كفورا)  (الإسراء37)  أي: ولا تبذر في المال تبذيرأ إن المبذرين كانوا في حكم الله إ خوان الشياطين في سعيهم في الأرض فسادا، أو أنهم يقرنون بهم في النار، ، كان الشيطان لربه كفورا، ومن كان كذلك فلا تحل متابعته في الافساد في الأرض (وإضاعة المال في غير حقه. 
خلاصة حكام الإسلام في تناول الدخان 
يتبين مما سبق أن الدخان علي أي وجه، يستتبع عاجلا أو آجلا أمراضا شتى، أخطرها أمراض القلب والسرطان في الجهازين التنفسى والبولي كما أن فيه تبذيرا وإنفاقا للمال في غير حقه، فلذلك يكون حراما شرعا لقوله تعالى (ولا تبذر تبذير ان المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان بربه كفورا) ". وحيث كان أمر الدخان كذلك فيجب الامتناع عن تناوله شرعا وعقلا، والله تعالى أعلم، 



الحكم الشرعي في التدخين 
الجزء الثاني 


بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أفضل المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: 
فالدخان: نبات ظهر في الشرق في أوائل القرن الحادى عشر من الهجرة ومن أسمائه، التتن، والتبغ، والتنباك، وتنياكو، وطا بغى، طابه، ولما لم يكن ظهور هذا النبات، وأنواع المخدرات المختلفة من حشيش، وأفيون، وهيرويين، وكوكايين، وغيرها من المخدرات والسموم معروفة لا بعناصرها ولا بآثارها، لم ينزل بتحريمها نص صريح قاطع من كتاب الله أو سنة رسوله المتواترة. وبالتالي لم يرد في تناولها عقوبة مقدرة من الشارع غير أن علماء أصول الفقه والمجتهدين من علماء المسلمين قسموا الحرام إلى حرام لذاته وعينه وإلى حرام لغيره. 
فأما الحرام لعينه: فهو ما كان بترك واجب أو فعل محرم، لأن ترك الواجب حرام كفعل المحرم. 
والواجب: هو ما تحتم على المكلف فعله، وترتبت على تركه عقوبة شديدة، بدليل قطعي الثبوت من كتاب الله، وقطعي الدلالة، بمعنى أنه لا يحتمل غير الوجوب ، كوجوب الصلاة والزكاة والصوم والحج، وعبادة الله وحده، والوفاء بالعهود ، العقود، والإحسان إلى الوالدين، لقول الله تعالى (أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) ، (كتب عليكم الصيام ) ، (ولله علي الناس حج البيت)  ،( وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه)  ، (وأوفوا بالعهد )، (أوفوا بالعقود) ، (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة )، (ووصينا الانسان بوالديه حسنا) . 
والحرام بسبب فعل محرم هو: ما تحتم على المكلف تركه والنهي عن فعله، وترتب على فعله عقوبة شديدة، بدليل قطعي الثبوت من كتاب الله، وقطعى الدلالة، بمعنى أنه لا يحتمل غير التحريم ، لما يترتب على فعله من مفاسد ومضار، كحرمة فعل الزنى، والسرقة، والربا، وشرب الخمر والدم، واكل لحم الميتة والخنزير، وقذف العفيفات، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور، واكل أموال الناس بالباطل لقوله تعالى : (ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة) ، (والسارق والسارقة فاقطعوا أيدهما ) ، (وأحل الله البيع وحرم الربا)  ، (إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ) ، (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة )، (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم : ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا) ، (واجتنبوا قول الزور) ، (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ) 
وأما الحرام لغيره فهو ما لم يرد نص صريح قاطع بتحريم عينه، ولكنه كان وسيلة للوقوع في محرم لعينه وذاته وذلك كالتدخين وتناول السموم الضارة بالنفس والعقل والمال، لأن الشارع أوجب المحافظة عليها وحمايتها، وحرم إتلافها، والاعتداء عليها، بقول النبي صلي الله عليه وسلم  فيما رواه عنه سلمان: " الحلال ما أحله الله في كتابه والحرام ما حرمه في كتابه، وما سكت عنه فهو عفو لكم  أي سماح  (رواه الترمذي وابن ماجة) وما رواه أبو الدرداء عن النبي صلي الله عليه وسلم: " ما احل الله في كتابه فهو حلال ، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فأقبلوا من الله عافيته فان الله، لم يكن لينسى شيئا " ثم تلا (وما كان ربك نسيا ) (رواه البزار والحاكم وسنده صحيح) وما رواه أبو ثعلبة ورفعه إلى النبي صلي الله عليه وسلم   " إن الله فرض فرائض، وحد حدودا فلا تعتدوها ، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا فيها (رواه البخارى ومسلم والدارقطني). 
وذلك أن مقاصد الشريعة التي خلقها هو أوجدها لعباده  وأنزل الأحكام  لحفظها وصيانتها، وحرم إتلافها والاعتداء عليها ثلاثة: ضرورات، وحاجات، وكماليات لتحقيق مصالحها. 
والضرورات: هي التي تتوقف عليها حياة الناس ومصالحهم: بجلب النفع لهم ودفع الشر عنهم وإذا فقد واحد منها اختل نظام الحياة وعمت الفوضى والفساد وهي خمس: النفس، والعقل، والمال، والدين، والعرض، وقد وردت النصوص القاطعة بأهمية النفس، والعقل، والمال، ووجوب المحافظة عليها ودفع الضرر عنها وحرمة إتلافها أو الاعتداء عليها. ولهذا لما خلق الله هذه الضرورات واوجدها، شرع لها من الأحكام ما يحفظها ويصونها، ويمنع إتلافها والاعتداء عليها. 
 النفس هي الذات، أو الروح لقوله (ولا تقتلوا أنفسكم )  وقد شرع الله لإيجادها الزواج للتناسل، وبقاء النوع، وشرع لحفظها اكتساب ما يقيها من مأكل ومشرب، وسكنى، وشرع لدفع الضرر عنها إيجاب القصاص، والدية، والكفارة، يقول الله تعالى (ولا تلقوا بأيدكم الي التهلكة ) .. والتهلكة الهلك والإهلاك، والهلاك: العذاب والفقر، والخوف، يقول الله سبحانه وتعالى (وما يهلكون إلا أنفسهم )  ذلك أن حياة الانسان الراقي عظيمة القيمة، تجب المحافظة عليها ولا يجوز إتلافها. تلك هي فطرة الانسان، وما قضت به الشرائع السماوية والقوانين الوضعية، فجميعها عصمت دمه وحرمت قتله أو إيذاءه إلا لسبب يرجع إلى حماية المجتمع، ومنعت الاعتداء عليها، وفرضت على المعتدي عقوبات لردعه وزجر غيره. وبهذا يتقرر حقه في الحياة، وهو أهم الحقوق المقررة له وللوصول إلى أرقى انتاج، فعليه أن يعمل ليكون صحيح الجسم، والعقل، والسلوك، وقد حرم الشارع الاعتداء على النفس أيضا بقول الله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا ) وفي الحديث " من تردى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنم " ويقول في خطبة الوداع " إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام، حتى تلقوا ربكم ". 
 العقل عقلان: مطبوع ومسموع. 
فالعقل المطبوع: هو القوة المتهيئة لقبول العلم والمعرفة ،  والعقل المسموع هو: العلم المستفاد بهذه القوة ولا ينفع مسموع إذا لم  يك مطبوع. ويشير النبي صلي الله عليه وسلم إلى العقل المطبوع بقوله " ما خلق الله خلقا أكرم عليه من العقل " " ويقول في العقل المسموع: " ما كسب أحد شيئا، أفضل من عقل يهديه إلى هدى، أو يرده عن ردى " ويقول الله تعالى: (وما يعقلها إلا  العالمون ) وإلى العمل المطبوع أشار الله بقوله: (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين ان يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا )  والعقل بنوعيه هو الذي بحصوله يحصل الانسان على معرفة وجود الله ووحدانيته  وقد جمل الله بالعقل الانسان، أرقى أنواع الحيوانات وأكرمها: (ولقد كرمنا بني آدم ). وقد استطاع الانسان بعقله أن يزيد في قوته، وفي علمه بأسرار الكون وخصائصه، وفي كشوفاته. واستطاع بعقله رؤية الكواكب ورصد حركاتها، وإدراك ما دق من الجراثيم وأنواعها، وأن يعالج نفسه مما يصيبه من ضعف ومرض ، ولهذا تجب المحافظة عليه وصيانته ولا يجوز التفريط في ذلك، ولا الاعتداء عليه بما يتلفه، أو يضعف من قوته وإنتاجه. بشرب الدخان، وتعاطى السموم، من المخدرات بجميع أنواعها، فالعقل السليم في الجسم السليم، ولن ا يسلم الجسم بتعاطي هذه السموم. 
المال  وقد جعله الله عديل الأبناء في قوله (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) وامتن الله به على عباده، فقال: وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم اكثر نفيرا )  أي أكثر عددا من الرجال، يفاخرون بالمال والبنين وحذر الله سبحانه من إنفاقه فيما يعود على صاحبه بالضرر فقال: (يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم أي  بإنفاقها فيما يضركم ولا ينفعكم وقال: (واعلموا إنما أموالكم وأولادكم فتنة) اي اختبار لكم، وسينظر فيم تنفقونها وسيحاسبكم على عملكم. وأشار سبحانه إلى ما ينبغي أن تنفق فيه الأموال بقوله ( مثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين )  ذلك أن المال له أثر كبير في نهضات الأمم وصحة  الأفراد الجسدية والعقلية والخلقية، وهو عماد التقدم والرقي وازدهار حياة الأمم وعماد الحاجات العقلية (من جامعات ومعاهد للبحث والتجربة والمدارس)، والمنشآت الصناعية، والاجتماعية والصحية، والثروة المعدنية والزراعية، ولو بحثنا عن أسباب كثير من الرذائل والجرائم مما يهدد كيان المجتمع، لوجدنا الفقر من أهم أسبابها في كثير من الأحيان. 
وهذا هو ما يفسر ما اتجه إليه الإسلام من لفت الأنظار إلى ما سخر الله للإنسان من منابع الثراء والقوة، مما يوجب على البشر المحافظة على المال، بحسن تدبيره واستثماره في أحسن الوجوه وأنفعها لنفسه وأمته وادخار جزء منه للحاجة  والاقتصاد في إنفاقه، ففي الحديث " ما عال من اقتصد " أي ما افتقر من اقتصد وبالتوسط في إنفاقه بين الإسراف والتقتير فلا ينفق فيما لا حاجة إليه، ولا فيما يعود عليه بالضرر كإنفاقه في تعاطى التدخين والمخدرات، يقول الله تعالى: ولا تجعل يدك مغلولة إلي عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسور ا ) ويقول ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) وبما تقدم، ظهرت أهمية النفس والعقل والمال، وأنه لأهمية هذه الضرورات الثلاث في تقدم الحضارة وازدهارها كان خلق الله لها وإيجادها  ضروريا من الضرورات الخمس، وكان إنزال الأحكام للمحافظة عليها والعمل على صيانتها وكمال حمايتها واجبا شرعيا كما  كان إتلاف شىء منها أو الاعتداء عليها محرما شرعا. وحيث ثبت أن شرب الدخان وتعاطي السموم المخدرة بإجماع العقلاء، والمختصين من الاطباء، ضار بالنفس، والعقل، والمال، ويؤدى إلى إتلافها، أو الاعتداء عليها بتعطيلها وضعف إنتاجها كما أو كيفا وجب الحكم بتحريم تناولها، وتحديد عقوبة رادعة للجالبين لها والمتاجرين فيها والمتعاطين لها، كثر ما تعاطوه أو قل، فإن من  حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه  وتكون زاجرة لغيرهم، كل بما يناسبه وهى عقوبة تعزيرية يقررها ولي الأمر. فإن الله سبحانه لم يخلق في الكون النفس البشرية والعقل المبدع، والمال، ولم ينزل الأحكام لصيانتها والعقوبات لمن انتهك حرمتها.. عبثا، وإنما خلقها وحماها ونهى عن إتلافها لتحقيق مصالح العباد. 
يقول الله سبحانه: (ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك ) ويقول: (خلق لكم ما في الأرض جميعا )  لا للضرر ولا للهو والفساد، ولكن لعمارة الكون وصلاح البشر، وتحقيق خلافة الانسان لله في أرضه بالخير والنفع العام.  
أراء الفقهاء القدامى في التدخين 
منذ ظهور نبات الدخان وتدخينه والفقهاء يتدارسونه ويحاولون استنباط حكم شرعي لتناوله شربا أو مضغا، ولكنهم جميعا لم يهتدوا إلى مضار، وان كان  قد وفق للحكم بالتحريم. 
وكلهم بالجملة كانوا ما بين مبيح لتعاطيه ومحرم، ومنهم من توقف في الحل والحرمة ومنهم من قال باستحبابه ومنهم من قال بكراهته . 
وممن قال بإباحته مع الكراهة: أبو الحسنات الكمنوي وأصحاب- كتاب الأشباه والعماري فقالوا الأصل الإباحة أو التوقف. 
وقال النابلسي: شرب التتن ليس حراما. 
وقال الطحطاوي: كرهه شيخنا العماري كراهة تنزيهية. 
وممن قال بحرمة تناوله: عبد الباقي الحنفي قال: " الحق حرمتها وتحقيقها مأخوذ من الكتاب الشريف والحديث النبوي والقواعد الشرعية والنصوص المحررة المرعية"، وخلص إلى أنه يجب تعزيز شاربها وبائعها وبائعي آلاتها. 
 وفتوى عمر ابن عبد الرحمن الحسيني الشافعي. وكذلك أفتى بالحرمة محمدي محمد فتح الله بن علي المغربي، ومحمد بن الصديق الزبيدي الحنفي، والشيخ عامر الشافعي حيث قال: (الدخان المشهور إن أضر في عقل أو بدن فهو حرام، وضرره بين يشهد به الحس وما قرره الأطباء في الدخان بأنواعه ". ويرى الشرنبلالي تحريمه لانتفاء الغذاء والدواء عنه، ويمنع من بيعه وشربه لأنه من الخبائث، وتلزم شاربه الكفارة في رمضان. وقال محمد بن أحمد: يحرم لأنه يورث الأمراض. وفي كتاب مجالس الأبرار: يفطر، وتعاطيه حرام للعبث واللعب واللهو. وفي كتاب التبيان: " الحق حرمته لقوله تعالى (ويحرم عليكم الخبائث)  ويجب تعزير شاربه وبائعه .  
وقال الشيخ عامر الشافعي: " حرام ويسقط العدالة ". 
أدلة القائلين بحرمته أو كراهته كراهة تحريمية 
(1) الدخان ليس بغذاء ولا دواء وكل ما كان كذلك فهو حرام. 
(1) وفي شربه عبث ولهو ولعب وكلها حرام. 
(3) أن شربه بدعة، وكل بدعة ضلالة. 
(4) أنه مسكر ومفتر، وكل مسكر أو مفتر خمر، كل خمر، حرام لحديث أم سلمة (نهى رسول الله صلي الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر) أخرجه أحمد وأبو داود. 
(5) أن فيه تشبها بالكفار وأهل النار لاخراجه الدخان من فمه وأنفه، وهو وإن لم يكن حراما فيكره كراهة تحريم. 
(6) أنه يحدث رائحة كريهة فيكره، كأكل الثوم والبصل. 
(7) أنه خبيث، وكل خبيث حرام. 
(8) أنه مما يجتمع عليه الفساق كاجتماعهم على المحرمات، وما يكون كذلك يحكم عليه بالتحريم. 
(9) أنه عام البلية وشامل الفتنة، وما كان كذلك يحكم عليه بالحرمة. 
(، 1 أنه يفسد العقل لأنه يفسد النفسي، والعقل السليم في الجسم السليم، ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وكل ما كان كذلك فهو حرام بالمعقول وا لمنقول. 
(11) الدخان آلة من آلات العذاب ذكره الله في مواقع العذاب والعقاب. (12) أنه مما يحصل به الايذاء، وما كان كذلك فهو حرام لأنه فيه إيذاء للإنسان وللملائكة والله يقول (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ) وفي الحديث كل مؤذ في النار  . 
 (12) أنه يستلزم الإسراف وهو حرام بالنص. 
(14) أن الانسان حين شربه يظهر في صورة قبيحة وقد صوره الله  في أحسن صورة 
(15) أن فيه إدخال الدخان في البدن وهو متولد من النار وأسلى النار حرام  
لحديث " ان الله ما أطعمنا النار ". 
(16) وفيه تشبه بالشيطان حيث يظهر شاربه وفي يده شعلة من النار  
(17) أن حرمته ثبتت بإجماع الفقهاء. 
أدلة المجزين لشربه 
كثيرة وأهمها ثلاثة: 
(1) أنه لم يدل دليل على تحريمه من الأدلة الأربعة الأصلية وهي الكتاب، 
والسنة، وإجماع خاصة المجتهدين والقياس. وما كان كذلك فهو في حيز الإباحة 
(2) أن الأصل في الأشياء الإباحة، فيندرج شرب الدخان فيه ويبقى على أصل الإباحة . 
3 أن الأصل في المنافع إباحة الاستعمال، وفي المضار التحريم. وشرب الدخان نافع وليس ضارا فلا يدخل في أصل التحريم. والأصل في إثبات الحكم هو الإباحة، ولا سبيل إلى إثبات الحرمة إلا بدليل من الأدلة المعتبرة شرعا. 
آراء العلماء المحدثين 
أفتى فضيلة الشيخ حسنين مخلوف أن حكمه محل اجتهاد، وأن العلماء قد اختلفوا في حكم تناوله ثم قال: والحق عندنا في كتاب رد المختار: أنه الإباحة وأنه قد أفتى بحله من يعتمد عليه من أئمة المذاهب الأربعة كما نقل ذلك الاجهورى المالكي، والنابلسي الحنفي في رسالته، لعدم قيام دليل شرعي علي التحريم أو الكراهة ولم يثبت إسكار  ولا إضراره بعامة الشاربين. والقاعدة ان الأصل في الأشياء الإباحة. ثم نقل ما يشهد لرأيه من كتب الفقهاء ثم قال: " ومن ذلك يعلم أن الاتجار فيه اتجار في مباح على الراجح، وأن الربح الناتج عنه - حلال طيب، إلا لعارض يوجب حرمته أو كراهته التحريمية  كثبوت ضرره الشديد بالنفس والمال أو بهما..  
الشيخ الدكتور محمد الطيب النجار عضو مجمع البحوث الاسلامية، أفتى بحرمته لقوله تعالى (ويحرم عليكم الخبائث )  بالإضافة إلى إجماع الأطباء على ضرره فى الصحة، وكل ما يتلف الجسم ويضر بالصحة فهو حرام لقوله تعالى (ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة ) . وقد نهى سبحانه عن التبذير وهو وضع الشىء في غير موضعه بقوله (ان المبذرين كانوا إخوان الشياطين)  وتناول الدخان يحدث في شاربه التراخي والفتور الإغماء، وهذه الحالات تغيب العمل فترة من الزمن ة عند الأغلب، وهو لهذا يحرم عليهم. 
الشيخ الدكتور زكريا البرى: عضو مجمع البحوث الإسلامية وقد حرم تناول الدخان بما أثبتته البحوث الطبية المعاصرة، بما جعل الحكومات تمنع شربه في كثير من الأماكن والمجتمعات. ثم عاد فقال: وشربه بصفة عامة يدور بين الحرمة والكراهة التحريمية. 
لجنة الفتوى بالأزهر: أفتت اللجنة بأن شرب الدخان عادة ينكرها الشرع ويحرمها، ونشرت الفتوى بجريدة الجمهورية 22 مارس سنة 1979 م. وبعرض هذه الآراء عرضا دقيقا يتبين لنا: 
أولا: أن القائلين بحرمة تعاطي الدخان والاتجار فيه قد أصابوا قي بيان الحكم، وأصاب بعضهم في الاستدلال على حكم التحريم، بضرره للنفس والعقل والمال، وثلاثها مما أوجب الشارع المخافة عليه، وحرم الاعتداء عليها بالإتلاف والضرر ، وأوجبوا التعزير عليها بما يراه ولي الأمر من عقوبات تناسب جرائمهم على أنفسهم وعقولهم وأموالهم. 
أما ما ذكروه من أدلة التحريم من مثل قولهم: حرام لأنه ليس دواء ولا غذاء، وأنه مفتر وكل مفتر مسكر وكل مسكر حرام، وقولهم حرم للتشبه بالكفار أو الشيطان، أو أنه بدعة أو أنه خبيث الرائحة، أو أنه يجتمع عليه الفساق،  أو  أنه عام البلية، وآلة من آلات العذاب، أو أن شاربه يظهر في صورة قبيحة أو في صورة شيطان، أو أنه يدخل في البدن، وأنه متولد من نار، أو أن حرمته ثبتت بإجماع الأئمة والفقهاء.. فكل ذلك لا تثبت به حرمته. لأن الحرام عند الحنفية: ما ثبت حرمته بدليل قطعي الثبوت والدلالة، وعند أحمد: ما تيقن من حرمته، وما ذكروه من أدلتهم ليس فيه دليل قطعي الثبوت والدلالة على التحريم. 
وأما ما استدل به المبيحون والقائلون بالكراهة فهو: 
أولا: لا يصح، لأن قولهم الأصل في الأشياء الإباحة ليمس متفقا عليه بل ذهب فريق آخر إلى أن الأصل في الأشياء الحظر والتحريم. والعمل بهذه القاعدة يصح فيما اذا لم يكن هناك أدلة قاطعة على وجوب المحافظـة على النفس والعقل، والمال وحرمة إتلافها والاعتداء عليها اما وقد وردت في ذلك الأدلة القاطعة المتقدمة فلا محل للاستشهاد بالقاعدة ولا القول بأنه لم ترد أدلة علي التحريم.. 
ثانيا  الاستشهاد بأن الأصل في المنافع إباحة الاستعمال، وفي المضار التحريم صحيح، وهو دليل عليهم وليست دليلا لهم، فقد ثبت ضرر التدخين والمخدرات والاتجار فيها بما لا يدع مجالا للشك. 
فمن الناحية المالية مثلا تستورد مصر من الدخان من أمريكا فقط خمسة وسبعين ألف طن تأخذ الدولة رسوما عليها من شركة الدخان بالقاهرة خمسمائة مليون من الجنيهات. وقد تحقق أنها ضارة بصحة المصريين وعقولهم وأموالهم ويمكن مقابلة ذلك بما تدفعه ثمنا للأدوية وعلاجا للأمراض التي يسببها شرب الدخان وإقامة المستشفيات ولا شك أنها ستزيد كثيرا على المليار. 
هذا إلى ما أثبته الأطباء جميعا نتيجة للكشف والأشعة والتحايل من الأضرار، مما أصبح حقيقة علمية يجب شرعا العمل بها، وتجنب شربه والإ تجار فيه بعد أن ثبتت يقينا تسببه في أمراض: سرطان الرئة والشفة واللسان والبلعوم والمريء والمثانة، والتهاب الشعب الهوائية، وأمراض الأوعية الدموية والقلب، والشرايين، ومن 80% ترجع وفاتهم إلى هذه العلل وبخاصة في الدول النامية، وأثر شرب المرأة  له على جنينها. وها هي ذي أقوال الأطباء في أضراره. 
طبقا لما ورد بتقدير لجنة خبراء منظمة الصحة العالمية عن التدخين وآثاره في مؤتمرهم المنعقد بجنيف في ديسمبر 1974 م. وهو مؤتمر ضم نخبة من أساتذة الطب ومؤسسات الأبحاث العلمية والتثقيف الصحي وهي تضم ممثلين عن مؤسسة القلب الهولندية بلاهاي،  وجامعة كامبردج بإنجلتزا ، ووزارة  الصحة فى الاتحاد السوفيتي، وجامعة القاهرة، وفرنسا، والولايات ا المتحدة، وممثلين للمنظمات الدولية لمشكلات الكحول والإدمان بسويسرا، والاتحاد الدولي لمكافحة السرطان والمؤتمر العالمي الثالث عن التدخين والصحة، والجمعية ا الأمريكية للسرطان بنيويورك، والجمعية الدولية لأمراض القلب، والاتحاد الدولي لرعاية الطفولة، والاتحاد الدولي للتثقيف الصحي. ومنظمة العمل، الدولية، وقسم الصحة المهنية والإدمان بجنيف سويسرا، والجمعية الدولية لطب الاطفال، والاتحاد الدولي للفارماكولوجى ومعهد الكيمياء الإكلينيكية، والمركز الألماني للقلب بميونخ  ـ ألمانيا الاتحادية. 
وانتهى هذا المؤتمر إلى أن التدخين يعتبر من أهم العوامل المسببة لسرطان الرئة والالتهابات الشعبية (القصبية) المزمنة وانتفاخ الرئة (الامفيزيما) وقصور الدورة الدموية للقلب، وانسداد الأوعية الدموية في الأطراف . 
وأوضح التقرير أيضا أن التدخين يلعب دورا في التسبب في حدوث سرطان اللسان والحنجرة والبلعوم والبنكرياس والمثانة. ويسبب الإجهاض، وولادة الأجنة ميتة، والوفاة المبكرة، وقرحة المعدة والاثنى عشري. وقد أكدت التجارب على وجود مواد سرطانية ومواد مهيجة في القطران المتصاعد من دخان السجائر. 
 وقد أوضحت الدراسات الباثولوجية وجود التغيرات التي تسبق السرطان في الخلايا الغشائية للشعب الهوائية فيمن يدخنون، وان مكونات الدخان المعروفة، الضارة تشمل القطران والنيكوتين وأول أكسيد الكربون.  
سرطان الرئة 
 ان الوفيات من السرطان في شتى أنحاء العالم وفي البلدان التي ينتشر بها التدخين مستمرة بلا انقطاع. وحدوث سرطان الرئة قي أي دولة وزيادته يتوقف على كثرة، تدخين ن السجائر، وكذلك على الزمن الذي بدأت فيه هذه العادة. وبالامتناع عن  التدخين ، فان الخلايا الغشائية المبطنة للشعب الهوائية لدى المدخنين، والتي لا تخلو من ظواهر غير عادية- تعود إلى حالتها الطبيعية وتختفي فيها هذه التغيرات غير العادية في الخلايا الشاذة (والتي يفترض أنها بداية سرطانية) وهذا يعطى تأكيدا هستولوجيا للدليل الوبائي على أن إيقاف التدخين يقلل من احتمال الإصابة بالسرطان إذا قورن بمن يداومون على ممارسة التدخين. 
الالتهابات الشعبية (القصبية) وانتفاخ الرئتين (أمفيزيما) 
 تؤيد الدراسات أن كفاءة الرئة عند مدخن السجائر، تقل عنها بين غير المدخنين. وقد وجد أن أمراض القنوات الهوائية الصغيرة التي تسبب ذلك قد تتطور إلى درجة العجز، بسبب انسداد مزمن في القنوات الهوائية، وان هذا الانسداد في القنوات الهوائية يتكون ببطء، قبل أن يصل بعد عدة سنوات إلى  درجة من العجز الشديد. ومثل هذا المريض لا يموت في العادة قبل مضى عشر سنوات على الأقل من العذاب الدائم، وهو يستميت في استنشاق الهراء وإخراجه. 
مرض قصور الدورة الدموية التاجية للقلب 
إن أهم تقدم حديث في المعرفة ، قد نشأ من تركم أدلة تثبت أن أول اكسيد الكربون يلعب دورا هاما في الأسباب التي تجعل من التدخين عاملا مؤثرا في زيادة حالات قصور الدورة التاجية (الإكليلية للقلب )  ويوجد أول أكسيد الكربون في الغازات المتصاعدة من تدخين السيجارة بنسبة الخمس. 
ولأول أكسيد الكربون قدرة على الاتحاد بالهيموجلوبين اكثر من الأكسجين، وهو لذلك يعيق نقل الأكسجين للأنسجة. 
وبتحليل التغيرات في وظائف القلب في حالات مرض الذبحة الصدرية، تبين أن ارتفاع ضغط الدم الإنبساطي وزيادة سرعة ضربات القلب تنتج عن التأثير بالنيكوتين، وأن الهبوط في وظيفة عضلة القلب مع انخفاض نسبة الضربات، ينتج من تأثير أول أكسيد الكربون. 
أمراض الأوعية الدموية المخية 
هناك أدلة متضاربة عن إمكان أن يكون التدخين سببا في زيادة خطر الإصابة بأمراض الأوعية الدموية المخية. وقد أظهرت الدراسات التي أجريت على نطاق واسع في الولايات المتحدة الأمريكية، وزيادة ذات مغزى في معدل الوفاة من أمراض الأوعية الدموية المخية بين المدخنين. 
قرحة المعدة. 
أشير في دراسات حديثة إلى أن التدخين يغير من التوازن بين الإفرازات الحمضية والقلوية، ويؤدى إلى ارتباك حركة فتحة البواب، مما يزيد من الارتجاع من المعدة والأثنى عشري. ويعتبر ما يحمله الدخان من النيكوتين سببا في هذه الآثار. 
التدخين والحمل 
ثبت من الدراسات الواسعة التي أجريت عن معدل وفيات، الأطفال حديثي الولادة في بريطانيا ان أهم آثار التدخين أثناء الحمل هي بطء نمو الجنين وزيادة فرص حدوث الوفاة حول الولادة. 
التعرض غير الإرادي للدخان 
الثابت أن أثر التدخين يقتصر بالدرجة الأولى على المدخن نفسه بالنسبة للأمراض  ذات الخطورة على الحياة. ولكن غير المدخن الذي يتعرض لتيارات مختلفة من الدخان المتصاعد من المدخنين في شتى الاتجاهات، والموجودون في مساحات مغلقة، يتعرضون لتركيزات ضارة من الدخان، وعلى الأخص عندما يتعرضون لأول أكسيد الكربون، فضلا عن خطورة الغازات المتصاعدة على مرضى الربو ومرضي الحساسية. 
التدخين والخدمات الصحية العامة 
ان الأمراض التي تنتج عن التدخين أو يزداد خطرها بسببه، تشكل عبئا ثقيلا على خدمات الرعاية الصحية التي تقدمها الدولة. وقد أثبتت بعض التحليلات ان ما ينفق على الأضرار الناتجة من التدخين، يفوق العائد الاقتصادي من التبغ و منتجاته. 
التدخين والإدمان: 
ان النيكوتين هو المادة التي تسبب الإدمان قي التمباك (التبغ) وله تأثيرات متباينة علي الجهاز العصبي ، وذلك يعتمد على الشخص ذاته وعلى حالته النفسية،كما  يعتمد على الكمية التي يتعاطاها. وللتدخين أثر مهدىء على المخ عندما يكون الشخص منفعلا ولكن له تأثيرا منبها أيضا. 
أما بالنسبة للجهاز العصبي الطرفي (المحيطي)، فإن النيكوتين يؤثر فيه أول  الأمر، ويسبب الرعشة في الأطراف، ويزيد من إفراز الخلايا العصبية اللاإرادية، كما ينبه نهايات الأعصاب إلى العضلات أو الغدد، ولكن هذا التنبيه يعقبه همود  وخمول في أغلب الأحيان. أما إذا كانت الكمية المتعاطاة كبيرة أو لأول مرة، فان الهمود قد يأتى مباشرة دون أن يسبقه تنبيه، وسرعان ها يعتاد المخ والجهاز العصبي على وجود النيكوتين،. وتنقلب العادة إلى إدمان باستمرار. ويقول تقرير الكلية الملكية للأطباء بالمملكة المتحدة الصادر في عام 10977، إن كمية النيكوتين الموجودة في سيجارة واحدة، كفيلة بقتل إنسان في أوج صحته لو أعطيت له هذه الكمية من النيكوتين بواسطة إبرة في الوريد. ولا شك أن تدخين النيكوتين يقوم بنفس الأثر المدمر على الصحة وعلى الحياة على مدى عشرين أو ثلاثين سنة.  
كلفة التدخين 
وقد ثبت بالإحصائيات الدقيقة في أوربا وأمريكا أن مجموع الدخل الذي تحصل عليه الحكومات المختلفة من الضرائب الباهظة على التبغ هو أقل بكثير مما تنفقه تلك الدول على معالجة الأمراض الناتجة عن التدخين. 
ولا شك أن التدخين يشكل عبئا على أغنى الدول، وخاصة إذا علمنا أن بريطانيا وحدها تفقد في كل عام خمسين مليون يوم عمل، نتيجة الأمراض التي تصيب العمال والموظفين بسبب التدخين فقط (تقرير الكلية ا الملكية للأطباء عن التدخين عام 1977 م) وأن ما لا يقل عن خمسين ألف شخص يلاقون حتفهم قبل لأوان في كل عام في بريطانيا وحدها نتيجة التدخين. 
وبذلك يثبت يقينا بالأدلة القطعية ان التدخين ضار بالنفس والعقل والمال ضررا بالغا يؤدي إلى إتلاف هذه الضرورات، التي أمر الله بوجوب المحافظة عليها وعدم إتلافها أو الاعتداء عليها بما يضرها. ومن هنا وجب تحريم الدخان في جميع صوره وأنواعه تحريما قطعيا، حرصا على صحة وحياة وأموال الأفراد والمجتمعات. 
هذا وبالله التوفيق. 
  
  
 الحكم الشرعي في التدخين 
لفضيلة الدكتور 
احمد عمر هاشم 
استاذ ورئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين 
جامعة الأزهر 
إن الإسلام يحل الطيبات ويحرم الخبائث، ويدعو المؤمنين أن يكونوا أقوياء، لا أن يضعفوا قوتهم بالتدخين وغيره من العادات الضارة، التي تضعف الصحة والعقل وتورث الفتور والإدمان. 
وخطورة " التدخين " لا تكمن في كونه مسكرا، فهو غير معسكر، ولا في غلاء سعره، ولا في الأضرار الصحية الواضحة فيه فحسب... وإنما تكمن خطورة التدخين في سرعة الإدمان بالنسبة للمدخنين، إذ سرعان ما يتمسك بتلك العادة كل مدخن، ولا يستطيع أن يصبر بدونها جزءا كبيرا من الوقت..كما يكمن خطرها في سرعة انتشارها وسهولتها وإمكانية تعاطي الدخان في كل وقت. وللتدخين كذلك أخطار أخرى على الجهاز التنفسي اكتشفها الطب الحديث منها: سرطان الرئة، و سرطان الحنجرة، والالتهاب الشعبي  (القصبي) المزمن، وجلطات القلب، وجلطات الأوعية الدموية للمخ. 
كما أن للتدخين أخطارا على الجهاز الهضمي منها: سرطان الشفة وسرطان الفم والبلعوم والمريء وقرحة المعدة والاثنى عشر، وسرطان البنكرياس. كما أن له أخطارا على الجهاز البولي مثل أورام المثانة الحميدة، وسرطان المثانة، وسرطان الكلى (1).، 
إذا اتضح لنا هذا فإن الإسلام يقول: " ولا تلقوا بأيدكم الي التهلكة " وقال تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم ) وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " وقال: " لا ضرر ولا ضرار " وفي الحديث: " نهى رسول الله صلي الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر ". وهذه النصوص من القرآن والحديث حين تواجه بالأضرار السابقة لا شك أن مقدماتها تنتج لنا نتيجة واحدة هي أن التدخين حرام. ولئن لم يقل العلماء قديما بحرمة التدخين فذلك راجع إلى أنهم لم يكونوا قد اكتشفوا تلك الأضرار. ولكي يتضح الأمر اكثر، أوضح رسالة الإسلام في مقاومة الإدمان للتدخين وغيره، ودعوة الإسلام إلى الحفاظ على الصحة، حتى نري من خلال البنود التالية أن التدخين مناقض لها، ومنافي للصحة. بل هو للهلاك وضياع المال والصحة. 
إن الإسلام هو دين الحق والخير، والعبادة والعمل، يدعو أتباعه إلى السعي والعمل، والتقدم والنهوض... ولا يتأتى كل هذا إلا في حال صحية سليمة، وقوة بدنية قادرة. 
ومن أجل هذا عني الإسلام بصحة الأبدان، فوجه إلى ما فيه سلامة البدن وعافيته. 
كما دعا الإسلام إلى الوقاية من الأمراض، والبعد عن أسباب العدوى التي يترتب عليها المرض وتدهور الصحة. 
كما أرشد الإسلام أتباعه إذا وقع المرض أن يتداووا، وأن يأخذوا في الأسباب من أجل العلاج . 
ومن أجل أن لا تستبد العادات الضارة بصحة الإنسان، من جراء بعض الظواهر التي قد تتفشى في بيئة من البيئات أو مجتمع من المجتمعات، فقد قاوم الإسلام ظاهرة " الإدمان " في كثير من العادات الضارة. 
أما عن عناية الإسلام بصحة الأبدان: فقد تناولت الدعوة إلى تنظيم الطعام والشراب وعدم الإسراف والإفراط يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لابد فاعلا فثلث لطعامه، وثلث لشرابه وثلث لنفسه " (رواه احمد والترمذي  وقال صلي الله عليه وسلم: " لا تشربوا واحدا كشرب البعير، ولكن اشربوا مثنى وثلاث، وسموا إذا أنتم  شربتم واحمدوا إذا رفعتم ،  ونهى رسول الله صلي الله عليه وسلم  أن يتنفس في الإناء وليس أمر الحفاظ على صحة البدن قاصرا على الطعام والشراب فحسب، بل إنه أيضا يشمل النوم، فيوجه الاسلام إلى النوم على الجانب الأيمن، لأن النوم على الجانب الأيسر يضر بالقلب ويضر بالتنفس، ولذا وجه الرسول صلي الله عليه وسلم إلى النوم على الجانب الأيمن، عن البراء بن عازب رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : أ (إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، وقل: اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك،  آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت. واجعلهن آخر ما تقول " (رواه البخاري ومسلم). 
ومن دعوة الإسلام للحفاظ على سلامة الأبدان: الدعوة إلى النظافة وطهارة الأبدان والأماكن والملابس، بل جعل الإسلام طهارة الثوب والبدن والمكان شرطا في صحة الصلاة، وأمر الإسلام بالوضوء للصلاة فقال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلي الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلي المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلي الكعبين وان كنتم جنبا فاطهروا) (المائدة: 6). 
كما وجه الإسلام إلى تخليل الأسنان ونظافة الفم واستحباب السواك، يقول الرسول  صلي الله عليه وسلم " لولا أن أشق علما أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ". وأما جانب الوقاية من الأمراض: فتظهر أهميته البالغة بعد الجانب الأول، وهو العناية بصحة الأبدان، إذ إن المحافظة على استمرار الصحة يكون بالوقاية من الأمراض، وكما قيل: " الوقاية خير من العلاج ". 
وفي جانب الوقاية حذر الإسلام من مخالطة المرضى، عن جابر رضي الله عنه أنه كان في وفد ثقيف رجل مجذوم، فأرسل إليه النبي صلي الله عليه وسلم : " ارجع فقد بايعناك " رواه مسلم) 
وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " فر من المجذوم فرارك من الأسد " رواه البخاري) وعن أيى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " لا يوردن ممرض على مصح ". 
ومن أجل الحفاظ على الصحة، والأخذ بالوقاية من الأمراض، يوجه الرسول صلي الله عليه وسلم بعدم الدخول إلى بلد بها مرض معد مثل الطاعون، أو الخروج من بلد وقع فيه، كما جاء في الصحيحين، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أن النبي صلي الله عليه وسلم  في شأن الطاعون-: "... فإذا سمعتم به بأرض فلا تدخلوا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا منها فرارا منه ". وعندما زار عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه عمواس إحدى مدن الشام، وكان الطاعون قد انتشر فيها، فتوقفت عمر في دخول البلد استنادا للحديث السابق، وعندئذ قال أبو  عبيدة  ابن الجراح لعمر: يا أمير المؤمنين، أفرارا من قدر الله تعالى؟ فقال له عمر: " لو قالها غيرك يا أبا عبيدة ! نعم نفر من قدر الله تعالى إلى قدر الله تعالى، أرأيت لو كان لك إبل فهبطت واديا له عدوتان إحداهما خصبة والأخرى جدبة، ألست إن رعيتها الخصبة رعيتها بقدر الله تعالى وإن رعيتها الجدبة رعيتها بقدر الله؟. " إن هذا الهدي النبوي الحكيم في الوقاية من الأمراض هو ما يسمى في عصرنا الحديث بالحجر الصحي، وقد سبق الإسلام العلم الحديث والطب بأزمنة طويلة. 
ومن الهدي النبوي في جانب الوقاية: أن لا يتنفس الإنسان إذا شرب من الإناء، يقول الرسول صلي الله عليه وسلم: " إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في القدح ". كما أمر عليه الصلاة والسلام بتغطية الإناء، وربط السقاء، ونهى عن الشرب من فم السقاء، عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم  يقول: " غطوا الإناء وأوكوا السقاء " (رواه مسلم). وعن ابن عباس رضى الله عنهما  ان رسول الله صلي الله عليه وسلم نهى عن الشرب من في السقاء " (رواه البخاري). ووجه الإسلام إلى نظافة البدن وسائر الأعضاء والأسنان وتقليم الأظفار وقاية من الأمراض. 
وفي جانب الوقاية أيضا، حذر الإسلام أن يبال في الماء الراكد: عن جابر رضى الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه نهى أن يبال في الماء الراكد " (رواه مسلم) وعن جابر رضى الله عنه أن رسول الله نهى أن يبال في الماء الجاري " (رواه الطبراني)، لأن البول في الماء من أسباب انتشار الأمراض المتوطنة، وعندما استهان العوام وكثير من الناس بتلك الأمور انتشرت الأمراض وسرت بينهم العدوى، ومن ذلك أيضا تلك الأمور التي تجر على فاعلها اللعنة، وتسقط مروءته، ويشمئز الناس منه والتي حذر"منها رسول الله صلي الله عليه وسلم  في قوله: " اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطريق والظل " (رواه أبو داود). ويقول عليه الصلاة والسلام: " من آذى المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتهم " (رواه الطبراني). 
وأما جانب التداوي من الأمراض، فقد حث الإسلام على الأخذ بالأسباب، ، واستعمال الدواء، والتداوي ،  يقول الرسول صلي الله عليه وسلم  " ما أنزل الله من داء إلا أنزل له دواء " (رواه البخاري) وقال عليه الصلاة والإسلام: " إن الله أنزل الداء والدواء ، وجعل لكل داء دواء، فتداووا ولا تداووا بحرام " (رواه أبو داود). فالإسلام إذ يأمر بالتداوي، فإنه يحذر من التداوي بما هو حرام. وعن اسامة بن شريك قال: كنت عند النبي صلي الله عليه وسلم ، وجاءت الأعراب فقالوا: يا رسول الله أنتداوى ؟ فقال نعم  يا عباد الله تداووا، فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له شفاء غير داء واحد: قالوا: ما هو؟  قال: الهرم (رواه احمد والنسائي). 
ولا يظن أحد أن الأخذ في الأسباب واستعمال الدواء والعلاج للتخلص من الأمراض رد لقضاء الله وقدره. بل إن ذلك كله من قضاء الله وقدره، عن أبو هريرة رضى الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أرأيت رقي نسترقيها،  ودواء نتداوى به، وتقاة نتقيها، هل ترد من قدر الله شيئا؟ فقال عليه الصلاة والسلام: " هي من قدر الله " (رواه أحمد والترمذي). 
وقد يحاول البعض أن يبرر تناول بعض المشروبات المحرمة بأن فيها علاجا، وقد يرى البعض عن اعتقاد أنه يعالج بأنواع من تلك المشروبات، ولكن الاسلام إذ يحرم شيئا يحرمه تحريما قاطعا ونهائيا، وما كان الله ليجعل فيما حرمه شفاء، عن ابن مسعود رضى الله عنه: " إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم " (رواه ا البخاري). 
ومما سبق يتضح لنا أن الإسلام عنى عناية فائقة ودقيقة: 
1- بالمحافظة على صحة الأبدان ابتداء. 
2- ثم أرشد إلى التداوي عند حدوث الأمراض. 
3- ولكن قد تستبد بعض الظواهر أو المشروبات بإنسان أو ببيئة بحيث تصبح عادة مستمرة، وبحيث يصبح مدمنا لها لا يتخلى عنها، وقد لا يظهر للمدمن الخطر في أول الأمر ولا تظهر له الأعراض.. وتلك هي ظاهرة " الإدمان " وهي تظهر في بعض المشروبات، أو العادات، أو غيرها من أنواع السلوك الذي قد يزينه الشيطان أو النفس الأمارة بالسوء للإنسان من حيث لا يدري. 
و " الإدمان " على الشيء: معناه المداومة عليه وملازمة فعله، وفي القاموس:" يدمن كذا " أي يديمه، " ورجل مدمن خمر: أي مداوم شربها ". 
وقد نهى الإسلام عن كل مسكر، وبين أنه خمر، والخمر محرمة وهى من كبائر الذنوب، ولكن الإسلام يفتح باب التوبة أمام المذنبين الذين يريدون أن يتوبوا، وأن يرجعوا إلى الله، وذلك بأن يقلعوا عن الخمر أو المسكر أو الذنوب، أما إذا لم يقلع العبد عن ذنبه فإنه يكون " مدمنا " لهذا الذنب والمدمن لا يتوب الله عليه لأنه لم يحقق شرط التوبة وهو الإقلاع عن الذنب والتخلي عنه. عن ابن عمر رضى الله عنهما قلى: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام. ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها: لم يتب ، لم يشربها في الآخرة " (رواه مسلم) ومعروف أن الله أعد لعباده جنات فيها " انهار من خمر لذة للشاربين ، 
ألا ان خمر الجنة غير الخمر المسكرة في الدنيا. 
وللمشروبات الكحولية خطرها الكبير وخاصة عندما يدمنها الشارب، أي يداوم على شربها. فإنها تؤثر على أجهزة الجسم العصبية والهضمية، وتعرض صحة مدمن الخمر للسل ومرض القلب والمعدة والكبد، وهذه حقائق علمية لاشك فيها. 
واإاسلام يقرر أنه ليست في الخمر شفاء لأي داء، بل فيها الداء والمرض. عن طارق بن سويد الجعفي أنه سأل النبي صلي الله عليه وسلم عن الخمر فقال: " إنها ليست بدواء، ولكنها داء " (رواه مسلم). 
ولا يقتصر التحريم على كثرة الشرب، بل على الكثير والقليل، فإن ما أسكر كثيره فقليله حرام... 
كما لا تقتصر ظاهرة الإدمان على الخمر والمسكرات فحسب وإنما تشمل ظاهرة المخدرات والتدخين. 
فأما ظاهرة الخمر والمسكرات والمشروبات الكحولية: فإن تناولها يورث الإدمان عليها، والإدمان عليها، يورث أمراضا عديدة ويصيب أجهزة الجسم بالخلل، فهي رجس وليست طاهرة كما قالي الله تعالى: (إنما الخمر والميسر والأنصاب رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه)  وفي ترك الخمر ومشتقاتها وغيرها من المسكرات والمشروبات، سلامة للإنسان وفلاح: (لعلكم تفلحون)  والوقوع في شربها وتعاطيها يوقع الانسان في العداوة والبغضاء، والصد عن ذكر الله وعن الصلاة، كما قال الله سبحانه: (إنما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل انتم منتهون)  ولم يبح الإسلام تعاطى الخمر، ولو في الدواء، فعندما سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن الخمر تجعل في الدواء؟ قال: إنها داء وليست دواء. 
ولئن بدا للبعض أن فيها علاجا قد يظهر أحيانا فإنها تسبب آلاما وتترك أسقاما للجسم، لا حدود لها، يقول الإمام ابن قيم الجوزية في كتابه " الطب النبوي ": المعالجة بالمحرمات قبيحة عقلا وشرعا، وأما الشرع فما ذكرنا من هذه الأحاديث وغيرها، وأما العقل فهو أن الله سبحانه وتعالى حرمه لخبثه، فإنه لم يحرم على هذه الأمة طيبا عقوبة لها كما حرمه على بنى إسرائيل بقوله: (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لكم) وإنما حرم على هذه الأمة ما حرم لخبثه، وتحريمه له حماية لهم وصيانة عن تناوله، فلا يتناسب أن يطلب به الشفاء من الأسقام والعلل، فإنه وإن أثر في إزالتها، لكنه يعقب سقما أعظم منه في القلب بقوة الخبث الذي فيه، فيكون المداوي به قد سعى في إزالة سقم البدن بسقم القلب.. 
وأما ظاهرة المخدرات الأخرى: فالإدمان فيها يورث صاحبها صفات ذميمة كالجبن، وعدم الشعور بالواجب، وضعف الإرادة، إلى جانب  الأضرار الصحية الأخرى والأضرار العقلية مثل: تدهور الصحة، والجنون، وضعف الذاكرة، إلى جانب الأضرار الاقتصادية والنفسية . 
وتقوم أدلة كثيرة على تحريم المخدرات منها قوله تعالى: (ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ) ، ومنحها قوله صلي الله عليه وسلم: " لا ضرر ولا ضرار " (رواه احمد وابن ماجه). 
وعن أم سلمة زوج الرسول صلي الله عليه وسلم أنها قالت: " نهى رسول الله عن كل مسكر ومفتر " (رواه أحمد وأبو داود) كما يندرج تحريم المخدرات ضمن تحريم الخمر والمسكرات حيث ان المخدرات تخامر العقل وتغطيه، وتخرجه عن طبيعته فكما قال عمر بن الخطاب رضى الله  عنه: " الخمر ما خامر العقل " (رواه البخاري ومسلم). وإذا نظرنا إلى من يتعاطى الحشيش والأفيون ونحوهما فإن تأثير ذلك عليه واضح، حيث يرى البعيد قريبا والقريب بعيدا، ويتخيل أمورا غير واقعة. 
وقد حكى القرافي وابن تيمية الإجماع على تحريم الحشيشة، وقال ابن تيمية:" من استحلها فقد كفر)). 
وأما ظاهرة التدخين: وهى اكثر الظواهر انتشارا، فهي داخلة في قوله صلي الله عليه وسلم: " لا ضرر ولا ضرار "وفي نهيه عليه الصلاة والسلام عن كل مسكر ومفتر، وربما لم يكن اكتشف خطرها إلا حديثا ومن هنا كان الحكم عليها مترتبا على ضررها وعلى تفتيرها ، وقد رأى بعض العلماء كراهتها والبعض رأى حرمتها، والبعض رأى أن الكراهة والحرمة تترتب على العوارض التي تظهر بسبها من نحو ضرر أو مرض، وقد اكتشف العلم الحديث والطب في السنوات الأخيرة، أضرارا تسببها ظاهرة التدخين، مما يجعلها تندرج في تلك التى نهى عنها الرسول صلوات الله وسلامه عليه " لا ضرر ولا ضرار ". 
إن على المجتمع أن يقاوم ظاهرة الإدمان في كل أشكالها، حتى يتمكن من استئصالها تماما وذلك بالسبيل التالية: 
أولا: بالقدوة الحسنة من المربين والموجهين والمصلحين والآباء والأمهات تأنيا: بالتوجيه والإرشاد ، وتكثيف حملات التوعية الدينية والطبية.  
ثالثا: بالمطالعة فى الكتب النافعة. 
رابعا: بلزوم رفقة الخير وتجنب رفقاء السوء وتخير الأصدقاء. 
خامسا: بقيام الدولة بمنع تلك المشروبات والخمور والمسكرات والمخدرات وعقوبة من يتاجر فيها أو يتعاطاها بإقامة الحد عليه. 
وهكذا يجب أن تتضافر سائر قوى المجتمع فى مناهضة كل آفة أو عادة سيئة أو منكر من المنكرات، لأن أضرار ارتكابه، وأخطاره حين يتفشى بالإدمان ويترك، ويطلق لصاحبه العنان، يعم خطره وشره، وكما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " مثل القائم في حدود الله والواقع فيها، مثل قوم استهموا على سفينة فأصاب، بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها، إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو انا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا". 
حكم الإسلام في التدخين 
ومما سبق يتضح لنا أن الإسلام عني بالصحة ووجه الانسان الى أسباب السلامة. 
كا دعا الإسلام إلى الوقاية من الأمراض، فالوقاية خير من لعلاج. 
 وناهض الإسلام الادمان، حتى لا تستبد العادات السيئة بالناس، وبما أن التدخين أكبر العادات السيئة ومن أخطرها، فإن الحكم على شاربه يترتب على أمور يجدر بنا أن نشير إليها، وننوه بها: 
أولا: ما يلاحظه شارب الدخان من فتور، وحديث أم سلمة فى ذلك صريح: " نهى رسول الله صلي الله عليه وسلم  عن كل مسكر ومفتر " ويشعر بهذا الفتور من يشربه لأول وهلة، أو يشربه متقطعا، أو ينقطع عنه ثم يشربه، وكذلك من يداوم على شربه إذا امتنع بعضا الوقت ثم عاد لشربه فيشعر بدوران رأسه وفتوره.. والحقيقة أن التفتير حاصل في التدخين بصفة دائمة ولجميع من يتعاطاه، ولكنه قد لا يبدو لبعض المدخنين. 
ثانيا: أن في التدخين إسرافا وتبذيرا وضياعا للمال وقد نهى الإسلام عن الإسراف فقال تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا) (الأعراف 31) ونهى عن التبذير فقال: (ولا تبذر تبذيرا ان المبذرين كانوا إخوان الشياطين ) (الاسراء27) وقال تعالى: ( ولا تجعل يدك مغلولة إلي عنقك ولا تبسطها كل البسط ) ( الإسراء 29) . 
ثالثا: في التدخين إضاعة للمال، وقد حرم الإسلام إضاعة المال، وفي الحديث الصحيح يقول الرسول صلي الله عليه وسلم: " إن الله تعالى يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا: فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم، ويكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال ". فإضاعة المال محرمة. فإذا نظرنا إلى التدخين وجدناه حرقا للأموال وإشعالا للنار فيها دون عائد يعود على الصحة أو الوطن. 
رابعا: الضرر الصحي للتدخين، وحيث كشفت الطب الحديث والعلم أن في التدخين أضرارا صحية وأنه يسبب العديد من الأمراض. فمما لا شك فيه أنه يكون محرما. ولننظر إلي  تقرير الكلية الملكية للأطباء بالمملكة المتحدة (بريطانيا) والصادر في عام 1977 م: " إن كمية النيكوتين الموجودة في سيجارة واحدة كفيلة بقتل إنسان في أوج صحته لو أعطيت له هذه الكمية من النيكوتين بواسطة إبرة في ا لور يد ". 
كما يؤكد تقرير منظمة الصحة العالمية والصادر في عام 1975، " بان عدد الذين يلاقون حتفهم أو يعيشون حياة تعيسة من جراء التدخين، يفوقون دون ريب عدد الذين حتفهم نتيجة الطاعون والكوليرا والجدري والسل والجذام والتيفود والتيفوس في كل عام.. " ويؤكد التقرير أن " الوفيات الناتجة عن التدخين هي أكثر بكثير من جميع الوفيات بالأمراض الوبائية مجتمعة ". 
ويقول تقرير منظمة الصحة العالمية: " إن التوقف عن التدخين سيؤدى إلى تحسين الصحة وإطالة الأعمار بما لا تستطيعه جميع الوسائل الطبية مجتمعة" (1). 
وإذا تبين لنا ضرر التدخين على حياة الانسان بمثل هذا القدر فإنه مما لاشك فيه انه يكون محرما، لأن الله تعالى يقول: (ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة) (البقرة 195) وبمثل هذه النسبة يكون التدخين إلقاء بالنفس إلى التهلكة.. وبما أن في التدخين ضررا للنفس وضررا للغير، لأن المدخن ينفخ الدخان في الهواء المحيط به، في أسرته أو في المجلس الذي هو فيه، فيضر بالآخرين ممن لم يدخنوا وقد نهى الإسلام عن ضرر النفس وعن الإضرار بالغير فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم " لا ضرر ولا ضرار". 
والله تعالى أعلم. 
  
  
 الحكم الشرعي للتدخين 
لفضيلة الأستاذ الدكتور 
الحسيني عبد المجيد هاشم رحمه الله 
وكيل الأزهر الشريف سابقا 
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. 
أما بعد 
فقبل ان ندلي بالإفتاء في موضوع التدخين، نرى أنه من الأجدر والأكمل ان نوضح عناية الإسلام بالصحة، لاسيما وأن التدخين له آثاره الخطيرة على صحة الإنسان. 
لقد اهتم  الإسلام برعاية الأبدان والناحية الصحية في الأجسام فنظم مطالب الجسم من الأكل  والشرب فقال تعالى (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا)  (الأعراف 31)   وشرع الإسلام للنظافة والحفاظ على الأبدان، الطهارة والوضوء والاغتسال لنظافة البدن وطهارته، وفي الطهارة والنظافة  تنشيط للأعضاء ووقاية لها من الميكروبات، قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم الى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم الى الكعبين )  (المائدة 6). 
وفي سبيل رعاية الإسلام للأبدان والمحافظة على الصحة قال الله تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة) (البقرة 195) وقال سبحانه (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما! (النساء29). وني شرب الدخان إلقاء بالنفس إلى التهلكة التي حذر الإسلام منها، وفي شربه إسراف وتبذير، وقد نهى الإسلام عن الإسراف والتبذير، وفي شربه ضرر بالصحة وتعكير للحنجرة والفم وجعل رائحة الفم كريهة. 
وقد أمر الإسلام باستعمال السواك فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب) (أخرجه احمد والشافي والترمذى) 
ونهى الإسلام عن كل ما فيه ضرر وضرار بالانسان، سواء كان ذلك في حسه أو إضرارا بالغير فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم( لا ضرر ولا ضرار). 
وقد يتعلل بعض الناس بالتدخين علاجا لتعب نفسي ، أو تخفيفا من معاناة نفسية، أو علاجا لبعض الأمراض، وكل هذا غير صحيح بل إن التدخين ليس علاجا وإنما هو داء. 
ودعوة الإسلام إلى الرعاية الصحية تدل على حرص الإسلام على سلامة الأبدان، فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف، والصحة من أعظم النعم على الانسان، فيجب الحفاظ عليها وشكر الله تعالى عليها، يقول الرسول صلي الله عليه وسلم: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ) (رواه البخاري). 
وفي جامع الترمذي وغيره من حديث عبد الله بن محصن الأنصاري قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (من أصبح معافى فى جسده، آمنا في سربه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا). 
وإذا كان الإسلام حافظ على الصحة على هذا النحو السابق، وكان في التدخين إضرارا بالصحة، فلا شك انه يكون حينئذ محرما، خاصة وأن في التدخين استهلاكا للطاقة الإنتاجية، لتأثيره على الصحة، فيقل الإنتاج تبعا لضعف الصحة. 
وإذا كان في التدخين شرب لمادة القطران، فإن لهذه المادة أثرها في الإصابة بالسرطان. كما أن لمادة النيكوتين أثرها في زيادة تجلط الدم. كما يؤدي التدخين بالمدخنين إلى سرعة إصابتهم بالالتهابات المزمنة في الجهاز التنفسي. 
كما أن أثر التدخين لا يقتصر على المدخن وحده بل ان ضرره يمتد إلى غيره، وإلى أسرته، وإلى أبنائه، وإلى الأطفال، حيث يتعرضون بصفة دائمة في البيت الذي يكون فيه مدخن، لأدخنة من التبغ، فيصابون بالتهاب شعبي (قصبي) مزمن. وكما أن للتدخين ضررا على الرجال فإن له أضرارا بالنسبة للنساء كذلك، وخاصة الحوامل، حيث يؤدى التدخين إلى نقص في نمو الجنين. 
وقد دلت الإحصاءات على أن نسبة الوفاة قبل سن الخامسة والستين ضعفاها في المدخنين عن غير المدخنين. 
وتدل الإحصاءات على أن التغيب عن العمل ثلاثة أمثاله في المدخنين عنه في غير المدخنين. 
ونسبة حدوث سرطان الرئة من 70 إلي 90 مثلا في المدخنين عنهما في غير المدخنين.  
وللتدخين علاقة كبيرة بقرحة المعدة والاثنى عشر، وبأمراض الدورة الدموية. 
وله تأثيره الخطير على النساء، فإن السيدات المدخنات يبلغن سن اليأس قبل غيرهن. 
كما أن هناك تأثيراً ضارا في الجمع بين التدخين وتعاطي حبوب منع الحمل. وقد يترتب على تدخين السيدة الحامل تشويه للجنين. 
الحكم الشرعي في التدخين: 
وبعد أن استعرضنا أضرار التدخين، وعرفنا ما يترتب عليه من أضرار صحية، وما ينتج عنه من أمراض وضياع لصحة الانسان، وضياع للمال، وضياع لجزء كبير من الاقتصاد نقول: 
إن التدخين حرام 
نعم لقد سبق أن أفتى البعض بأنه مكروه ولم يصرح البعض بحرمته، ولعل هذا كله يرجع إلى أنهم لم يكونوا قد اكتشفوا أضرار التدخين، ولم يكن العلم الحديث قد توصل إلى أن التدخين يسبب أمراضا خطيرة لا حصر لها، منها على سبيل المثال مرض السرطان في الفم وفي البلعوم وفي الرئة وفي المثانة، وتجلط الدم، وغير ذلك من الأضرار والأمراض التي تكون نتيجة التدخين.  
ومما لا شك فيه أن الإسلام يحرم التدخين لهذه الأسباب التي يترتب عليها إهلاك الانسان لنفسه وقد قال الله سبحانه وتعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة ) ،ولما يترتب على التدخين من الإسراف والتبذير وقد نهى الإسلام عن الإسراف قال الله سبحانه وتعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا )  وفي التدخين تبذير وضياع للمال ووضع له في غير موضعه الصحيح وقد قال الله سبحانه وتعالى: (ولا تبذر تبذيرا ان المبذرين كانوا إخوان الشياطين )  وفي التدخين ضرر بالنفس لما سبق بيانه وما يترتب عليه من الأمراض، وفي التدخين ضرر بالغير المجاور للمدخن أو الساكن معه وجميع أفراد أسرته وكل ما فيه ضرر فقد حرمه الشارع  وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " لا ضرر ولا ضرار ". وفي التدخين تعرض الانسان لأخطر الأوبئة وأفتك الأمراض وتعرض الانسان للقتل أي لقتل نفسه بإيرادها موارد الهلاك، وقد حرم الإسلام ذلك، قال الله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم ) وفي التدخين تفتير للأعضاء وفي الحديث: " نهى رسول الله صلي الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر ". ومما لا شك فيه أن المدخن يشعر أتناء التدخين وعقبه بهذا الشعور، ويشعر بالضيق وانفلات أعصابه وفتورها أيضا عندما يغيب عنه الدخان. 
وقد قال الشيخ يوسف الدجوي عضو جماعة كبار العلماء في كتابه، " مقالات وفتاوى ": " وقد وقع للمتأخرين خلاف في حكم تناوله، فمنهم من قال بحله، ومنهم من قال بحرمته، والحق في ذلك أنه لا ينبغي إطلاق القول بالحل والحرمة فإن الحكم بأحد الأمرين على الإطلاق لا يخلو عن إفراط أو تفريط، فإذن يجب النـظر لحال شاربه، وما يترتب على شربه. 
فمن كان يضره شرب الدخان ويؤثر في صحته حرم عليه شربه للإجماع على تحريم ما يؤذي البدن. فإن حفظ البدن من الكليات التي أجمعت الشرائع على وجوبها. ومن لا يضره شاربه ولكن يحتاج لثمنه فى ضرورياته المعيشية سواء كان ذلك لنفسه أم لمن تجب عليه نفقته كزوجته وذوي قرابته حرم عليه شربه أيضا. وإن لم يكن هناك ضرر بدني أو مالي فلا وجه للحرمة، ويمكن الرجوع  في تعرف الضرر البدني إلى الأطباء، وأما الضرر المالي فأمر يعرفه الانسان من نفسه. 
 ومن الناس من يزعم أن شرب الدخان حرام على الإطلاق مستندا في ذلك إلى كونه بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، وهو في ذلك مخطي ء ، فان البدعة المنهي عنها شرعا هي الأمر المحدث الذي لم يشهد بجوازه أصل من كتاب أو سنة أو قياس الخ ما قرره العلماء وكيف يسوغ القول بأن كل محدث محرم، وكثير من الملابس  والأزياء وغيرها لم يكن معروفا في عهد النبي صلي الله عليه وسلم ولا في عهد الصحابة والتابعين... " (1). 
هذا ما قيل من قبل، أما اليوم، وقد اتضح من خلال ما اكتشفه العلم الحديث والطب من الأمراض الخطيرة التي تنجم عن التدخين كمرض السرطان وتجلط الدم وغير ذلك، فعلى هذا يكون الضرر الصحي محققا، ومهما قال الناس بأنه لا ضرر حاليا يلحقهم لكثرة أموالهم، وأن التدخين لا يضرهم من الناحية المالية، فإننا نقول لهم إن دفع المال للتدخين هو عين التبذير، لأن التبذير وضع الشىء في غير موضعه، وصرف المال في غير وجهه النافع، فعلى هذا يكون التدخين ضربا من التبذير، والإسلام ينهي عن التبذير. قال الله سبحانه وتعالى: (ولا تبذر تبذيرا ان المبذرين كانوا إخوان الشياطين) الإسراء 27 . 
ومن كل ما سبق نقول: إن التدخين حرام ، وإن واجب المسلمين أن يحاربوا هذه العادة الضارة المهلكة، وأولى بأصحاب الأموال أن يوجهوا أموالهم إلى المشروعات النافعة، وأن ينفقوا منها على الفقراء والمحتاجين. ونقول للجمهرة العريضة من عمالنا وشبابنا الذين يدخنون.، وما أكثرهم: إنكم بهذا التدخين تبددون أموالكم وتضعونها في غير وجهها الصحيح، وهذا إسراف وتبذير، رقد حرم الإسلام الإسراف والتبذير. وأنكم تقدمون على إهلاك صحتكم وإلحاق الضرر بها، وقد نهى الإسلام عن كل ما فيه ضرر. 
وعليكم أن تقلعوا عن هذه العادة السيئة الضارة، وأن تتوبوا منها وأن ترجعوا إلى الله سبحانه وتعالى. والإقلاع عن التدخين ليس أمرا صعبا ولكنه أمر سهل وميسر. ويمكن لكل إنسان أن يقلع ويتوب، وحسبه أنه يتعود على الإقلاع والتوبة ومحاربة النفس في أيام شهر رمضان، حيث يكف عن الطعام والشراب وسائر ما يشتهيه. 
فإلى كل إنسان مسلم، وإلى كل مسلمة وإلى كل شاب وعامل أقول لهم: توبوا عن التدخين وارجعوا إلى الله، وأقلعوا عن هذه العادة الضارة فهي موت بطيء لكم وهدم لصحتكم وهي محرمة لقول الله تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا ) "الأعراف 31 " وقوله تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة )" البقرة 195 " ولحديث: " نهى رسول الله صلي الله عليه وسلم عن كل مسكر ومقتر " وحديث: " لا ضرر ولا ضرار ". 
هذا وبالله التوفيق 
 خلاصة 
حكم التدخين 
في نظر علماء الدين المعاصرين 
 من إعداد فضيلة الشيخ 
مهدي عبد الحميد مصطفى 
مدير الإعلام بالأزهر 
وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية 
حمدا لله ، وصلاة وسلاما على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه .. 
وبعد: 
فإن منظمه الصحة العالمية ،  لها دورها المثمر والبناء.. في خدمة الإنسانية جمعاء.. منذ تأسست عام 1948 وحتى الآن.. فرسالتها تقوم على تحقيق الخير والسعادة لبني الإنسان، ذلك.. لأن الإنسان مهما توافرت له مقومات الحياة ومتعها ، فلن يسعد بذلك كله إلا إذا كان متمتعا بموفور الصحة.. رافلا في حلل العافية.. والتمتع بأعلى مستوى من الصحة ، هو هدف تلك المنظمة، وهو هدف ليس قاصرا على دولة أو دول بعينها، وإنما يرمى إلى تحقيق الصحة للجميع في إطار زمن محدد، وهو عام ألفين.. 
والمنظمة في سعيها الحثيث للوصول إلى هذا الهدف، وتحقيق تلك الغاية لا تفرق بين الشعوب بسبب العنصر، أو الدين، أو العقيدة السياسية، أو الحالة الاقتصادية، أو الاجتماعية.. ولكنها تسعى إلى توزيع مواردها وإمكاناتها الصحية على الشعوب توزيعا عادلا، بحيث تتاح الرعاية الصحية لكل فرد في ظل مشاركة كاملة من جانب المجتمع.. 
وقد وضعت المنظمة في اعتبارها الرعاية الصحية الأولية باعتبارها مفتاح الوصول إلي هدف تحقيق الصحة للجميع، ورسمت عناصرها الأساسية على النحو التالي: 
ا- التثقيف المتعلق بالمشكلات الصحية السائدة، وطرق الوقاية منها، ومكافحتها. 
2- تحسين سبل التزويد بالغذاء، وتأمين التغذية السليمة. 
3- التزويد الكافي بالماء الصالح للشرب والإصحاح المناسب. 
4- رعاية صحة الأم والطفل. 
5 - التمنيع ( التحصين ) ضد الأمراض المعدية. 
6 - الوقاية من الأمراض المتوطنة محليا ، ومكافحتها . 
7 ـ المعالجة المناسبة للأمراض والإصابات الشائعة .  
8 - توفير الأدوية الأساسية .  
  
وذلك انطلاقا من مهام المنظمةالرئيسية في العمل على توجيه وتنسيق العمل الصحي الدولي ، وفي تأمين التعاون التقني المثمر ، وفي تشجيع البحث العلمي  
  
وكان من بين أو أهم القضايا أو المشكلات التي أخذت منظمة الصحة العالمية على عاتقها مواجهتها ومعالجتها :مشكلة التدخين .. باعتبار التدخين أشبه بالوباء الساري والمنتشر في كل أرجاء العالم ، على الرغم مما يترتب عليه من أضرار صحية ، واقتصادية ، واجتماعية !!  
  
فشكلت في جنيق لجنة خبراء حول التدخين وآثاره على الصحة ، وكان أول اجتماع لتلك اللجنة في الفترة من 9 ــ 14 من ديسمبر 1974 .. حيث تولت هذه اللجنة بحث التقارير الطبية ، والدراسات المتعلقة بالتدخين ومضاره ، وصياغة التوصيات اللازمة لمعالجة هذا الداء ، أو ذلك الوباء ، ورسم الاستراتيجية الضرورية لمكافحة التدخين في دول العالم .. وخاصة الدول النامية .. 
ولم يكتف المكتب الإقليمي لشرق البحر المتوسط ــ أحد المكاتب الإقليمية الستة التابعة للمنظمة ــ بما قدمته لجنة الخبراء من تقارير للنهوض بمسئولياته ؛ وإنما استعان بخيرة الأطباء المتخصصين في مصر ذوي الشهرة العالمية ، والمكانة الطبية المرموقة ، فطلب منهم أن يدعموه في رسالته الإنسانية بتقاريرهم الموضحة للآثار الضارة والخطيرة المترتبة على التدخين من : سرطان ، وتصلب في الشرايين ، وأمراض صدرية ، وغير ذلك من الأمراض الفتاكة .. 
  
وإيمانا من المكتب الإقليمي لشرق البحر المتوسط بالدور الكبير لتعاليم الدين في التأثير على النفوس ، وتهيئتها لحسن الاستجابة والقبول ؛ فإنه قد اتجه في رسالته الإنسانية السامية إلى دعم نشاطه ودوره في مواجهة التدخين وتحديد مضاره ؛ بآراء نخبة من كبار علماء الدين.. حيث استعان بآرائهم من الوجهة الدينية في حكم التدخين.. أو رأي الإسلام فيه، وموقف الدين منه وهو بذلك ا قد نهج منهجا قويما، وسلك مسلكا تربويا سليما، يمكن أن يكون له تأثير واضحا وفعال في محاربة التدخين، والقضاء عليه.. 
وما نحن بصدد تناوله بعد هذه المقدمة إنما هو خلاصة ما قدمته هذه النخبة من كبار علماء الدين، ونأمل أن تكلل هذه الجهود بالنجاح.. والله الموفق وا لمستعان، 
ظاهرة التدخين متى بدأت، وكيف انتشرت 
يبدو أن سكان المكسيك هم أول من عرف التتن، وأن معرفتهم به تربو على خمسمائة وألفي عام.. وأن " خريستوفر كولومبس " حين اكتشف أمريكا وجد سكانها يدخنون التبغ عام 1942.. وأن نبات التبغ نقله إلى أسبانيا أحد الرحالة المستكشفين عند عودته إلى بلاده من المكسيك في عهد الملك " فيليب الثاني ".. وأن " جان نييكو " سفير فرنسا في البرتغال هو الذي نقل بذوره من البرتغال إلى بلاده: فرنسا.. وأن التدخين قد شاع وانتشر في أوروبا مع أواخر القرن السادس عشر الميلادي.. 
ومن أوروبا تسرب التبغ إلى كل من إفريقيا وآسيا.. حيث نقله إلى المغرب العربي رجل من اليهود في أواخر القرن العاشر الهجري، كما نقله أحد المسيحيين إلى تركيا من إنجلترا، وتسرب إلى مصر والحجاز وسائر الأقطار من وسط إفريقيا على يد بعض من المجوس. 
 موقف العالم القديم من الدخان والتدخين 
قاوم كثير من أهل أوروبا ظاهرة التدخين التي تسربت إليهم من أمريكا، وواجهوا نقل بذور الدخان إلى بلادهم بأساليب متعددة.. حيث وقف بعض الملوك منه مواقف حاسمة، ونقر منه رجال الدين، وألفوا فيه رسالة بعنوان " المسكرات الجافة ".. وقام " جيمس الأول " بوضع كتاب في أضرار الدخان الصحية.. ووضعت روسيا عقوبة على البائعين والمشترين له، وكانت عقوبة المدخن: كسر أنفه، أو نفيه إلى سيبريا.. وصدرت قوانين تحرمه ني بعض البلاد خلال القرن السابع عشر الميلادي.. وفي العالم الإسلامي.. ذكر الأستاذ حسين مجيب المصري في كتابه: 
فارسيات وتركيات " أن السلطان العثماني مراد الرابع قد اضطهد المدخنين، وتجسس على مجالسهم، وكان يعاقب من يدخن بالاعدام، وعند حربه مع إيران كان يقتل من يضبطه مدخنا سواء أكان من جنوده أم من أسرى فارس. وأن الشاه  عباس الأول (1629 م) كان يعاقب المدخن بثقب أنفه، ووضع عود فيه، وخلفه من بعده ولده الشاه " صفي " الذي كان يصب الرصاص في أفواه المدخنين.. 
آراء العلماء السابقين في التدخين 
لما لم يكن للعرب أو المسلمين عهد بالتدخين إبان نزول الرسالة الإسلامية وما تلا ذلك من أحقاب، حتى تسربت إليهم ظاهرة التدخين في أواخر القرن العا شر الهجري وأوائل القرن الحادي عشر فإنه لم يختص بحكم قاطع، ولم ينزل بشأنه دليل مباشر يحدد حكمه الشرعي.. ومن هنا كان من واجب الفقهاء الذين عاصروا انتشاره  أن يجتهدوا في تبيان رأي الدين فيه.. ولكن نظرا ليعدم ورود نص صريح ومباشر يضعه في حيز واحد من الأحكام الشرعية الخمسة: 
أ الوجوب- الحرمة- الكراهية- الندب- الإباحة،.. فإن آراء هؤلاء الفقهاء لم تكن متفقة في الحكم، وإنما جاءت متراوحة بين هذه الأحكام، وذهب بعضهم إلى ان التدخين حرام، وبعضهم إلى أنه مكروه، وبعضهم إلى انه مباح،  وبعضهم توقف عن الحكم فيه بسبب تفاوت أضراره وآثاره الصحية والمالية من شخص لآخر ومن الفقهاء الذين صرحوا أو ألمحوا إلى أن التدخين حرام، أو وضعوه في دائرة الكراهية التحريمية هؤلاء: 
 من فقهاءالأحناف: 
الشيخ الشرنبلالي، والشيخ  إسماعيل النابلسي،  والشيخ المسيرى، والشيخ العمادي ، والشيخ محمد علاء الدين الحصكفي، والشيخ رجب بن أحمد، والشيخ محمد بن الصديق الزبيدى، والشيخ محمد بن سعد الدين، والشيخ محمد عبد العظيم المكي، والشيخ محمد عبد الباقي المكي، والشيخ محمد السندي  والشيخ محمد العيني، والشيخ أبو الحسن المصري. 
ومن فقهاء الشافعية: الشيخ شهـاب الدين اللقاني، والشيخ النجم الغزي، والشيخ سليمان البجيرمي ، والشيخ عمر بن عبد الرحمن الحسيني، والشيخ إبراهيم بن جمعان، والشيخ عامر. 
 ومن فقهاءالمالكية: 
الشيخ إبراهيم اللقاني، والشيخ سالم السنورى، والشيغ خالد السويدي، والشيخ محمد بن فتح الله بن علي المغربي، والشيخ أبو غيث القشاش المغربي ، والشيخ خالد بن محمد عبد الله الجعفري.. 
ومن فقهاء الحنابلة: 
الشيخ مصطفي الرحيباني،  والشيخ محمد الحنبلي، والشيخ منصور البهوتي، 
والشبغ أحمد السنهوري،  والشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب. 
آراء وفتاوى مماثلة لفقهاء معاصرين 
هذا.. وقد صدرت فتاوى من فقهاء معاصرين تتفق مع آراء هؤلاء الساقين.. 
ومن ذلك: الفتوى الصادرة عن لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، والتي نشرتها مجلة التصوف الإسلامي في عددها الصادر عن شهر محرم 1405الموافق أكتوبر 1984، والتي جاء فيها ما يلي : ".... شرب الدخان ثبت يقينا من أهل المعرفة والاختصاص والمؤتمرات الطبية العالمية ضرره بالصحة، لما يسببه من سرطان الرئة، والحنجرة، والأضرار بالشرايين..كما أنه ضار بالمال لإنفاقه فيما لا يعود والمخدرات، والذي عقد بالمدينة المنورة في الفترة من 27- 30 من جمادى الأولى 1402 (22- 25 مارس 1982 م) بتحريم استعمال التبغ، وزراعته، والاتجار به... 
وجاء في فتوى الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، المفتى الأكبر السابق في المملكة العربية السعودية: "... لا ريب في خبث الدخان، ونتنه، وإسكاره أحيانا وتفتيره.. وتحريمه بالنقل الصحيح، والعقل الصريح، وكلام الأطباء المعتبرين...". 
حجة الفقهاء القائلين بالتحريم أو الكراهية التحريمية 
استند الفقهاء بتحريم التدخين، والقائلون بكراهته كراهة تحريمية على أسباب وأدلة نسوق منها ما يلي: 
أهل الذكر من الأطباء والباحثين في علم الطب أكدوا ضرره، وكل ما يثبت ضرره فهو حرام. 
 أن الدخان مفتر، وهو بهذا يشمله نهي النبي صلي الله عليه وسلم كالمسكر.. لحديث أم سلمة- رضى الله تبارك وتعالى عنها: " نهى النبي صلي الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر"... 
رائحة الدخان كريهة، ويتأذى منها غير المدخنين، بل وتتأذى منها الملائكة ا المكرمون، والإسلام قد نهى عن الإيذاء للغير بالكريه من الروائح، فجاء في الصحيحين عن جابر- رضى الله تبارك وتعالى عنه  مرفوعا : " من أكل ثوما أو بصلا  فليعتزلنا، وليعتزل مسجدنا، وليقعد في بيته ".. ورائحة الدخان لا تقل كراهية وإيذاء عن رائحة الثوم والبصل، وفي النهى عن إيذاء الملائكة، ثبت في  الصحيحين أيضا، عن جابر- رضى الله عنه- أن الرسول صلي الله عليه وسلم قال: " إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الناس " وفي النهى عن إيذاء الانسان المسلم عموما ، ورد في رواية الطبراني في الأوسط، عن أنس- رضى الله عنه- بإسناد حسن.. تال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " من آذى مسلما فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله .. 
 لاشك أن المال الذي ينفق في التدخين يدخل في دائرة السرف لأنه إنفاق ليس فيه نفع مباح خال من الضرر... بل فيه ضرر محقق بأخبار أهل الخبرة.. والسرف منهي عنه شرعا... 
قال الله تعالى عن نبيه صلي الله عليه وسلم : (ويحل لكم الطيبات ويحرم عليكم الخبائث ) (الأعراف 157)... والدخان من الخبائث... 
أن الله تبارك وتعالى قال: (ولا تقتلوا أنفسكم) (النساء29) وقال: (ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة ) (البقرة 195) وفي التدخين تهلكة وقتل للنفس...  
الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد وابن ماجه بإسناد حسن: " لا ضرر ولا ضرار " وما دام في التدخين ضرر فهو حرام. 
آراء المبيحين للتدخين في الميزان 
لاشك أن آراء الفقهاء الذين أباحوا التدخين، قد سبقت نتائج الأبحاث الطبية، والدراسات الصحية، التي أثبتت وأكدت ضرر التدخين من الناحية الصحية، وأنه ليس مجرد ضرر عادي، وإنما ضرر يغتال الانسان، ويحطم بنيانه، ويستعصي علاجه، ويؤدي إلى الهلاك.. وكان رأيهم له وجاهته قبل ذلك، حيث لم يقفوا على سبب واضح أو دليل قوي للحكم بالتحريم.. أما الآن وبعد أن ثبت الضرر وتأكد بالتجارب والبراهين، فإنه لم يعد لهذا الرأي أدنى وجاهة، ولا أقل قبول، وأصبح مناط الإباحة غير موجود، ومادام الضرر قد ثبت وتحقق ، فقد أصبح لزاما أن يتجاوز الحكم حد الإباحة.. 
ولهذا.. فإن آراء النخبة المختارة من الفقهاء الذين استكتبهم المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق البحر المتوسط، كانت أشبه بالاتفاق على التحريم أو الكراهة التحريمية على الأقل، وسبب ذلك أن المكتـب الإقليمي لشرق البحر المتوسط قد وضع بين أيديهم- قبل أن يقولوا رأيهم- التقارير، ونتائج الأبحاث والدراسات، ورأي خبراء الطب من ذوي المؤهلات المتخصصة، والكفاءات النادرة.. فكان الحكم أو الرأي في النهاية متفقا أو شبه متفق، لأنه قائم على أساس واضح، ونتائج ثابتة، مبني على دراسات وأبحاث مستفيضة… 
أضرار التدخين من خلال تقارير وآراء خبراء الطب 
يقول الأستاذ الدكتور عبد العزيز سامي أستاذ الأمراض الصدرية، وعميد كلية الطب الأسبق بجامعة القاهرة: 
" إن الأخطار الصحية للتدخين أصبحت من الوضوح والتحديد بدرجة لم يعد معها أى شك، وسنعرض فيما يلي ما تدل الإحصاءات على أن نسبة الوفاة قبل سن الخامسة والستين تبلغ ضعفها في المدخنين، وإلى أن التغيب عن العمل ثلاثة أمثاله في المدخنين عنه في غير المدخنين، وأن نسبة سرطان الرئة من 70 إلى 90 مثلا في المدخنين بالقياس  لغيرهم، ونسبة انتشار النزلات الشعبية الرئوية ستة أمثالها في المدخنين بالنسبة لغير بأمراض القلب يموتون بسبب التدخين، وأن للتدخين علاقة وثيقة بقرحة المعدة، والأثنى عشر، وأمراض الدورة الدموية الطرفية، وأن سن اليأس تتقدم في المدخنات، وأن وفاة الجنين، والتشوهات الخلقية، والولادة المبكرة أكثر في المدخنات منها في غير المدخنات، وأن مخالطي المدخنين  خاصة في الأماكن القليلة التهوية- يتعرضوا للتأثيرات الضارة التي يتعرض لها المدخنون أنفسهم، وقد قرر أن ما يستنشقه المخالط لى تحت هذه الظروف يمكن أن يعادل تدخين سيجارة في الساعة.. ". 
ويقول الأستاذ  الدكتور إسماعيل السباعي عضو مجلس إدارة الاتحاد العالمي للسرطان: 
ويقول : "تعتبر الأمراض التي تترتب على التدخين أهم وأخطر المسببات الأكيدة المعروفة 
لوفاة الإنسان في وقتنا الحالي.. فأمراض الأوعية الدموية، والقلب، والمخ تمثل 50% والسرطان يكون 30% من مجموع الوفيات في أي دولة متقدمة.. والتدخين من أهم العوامل التي تؤدي إلى هذه الأمراض إلى جانب أمراض واضطرابات أخرى عديدة كثيرا ما تؤدي أيضا إلى وفاة الإنسان، مثل: أمراض الرئتين.. " 
ويقول الأستاذ الدكتور شريف عمر أستاذ جراحة السرطان بجامعة القاهرة: 
" إن للتدخين أضرارا أكيدة على الصحة ، إذ يسبب حدوث السرطان، وكذا أمراض القلب، وغيرهما من الأمراض.  
ومن تلك ا الأمراض: سرطان الرئة، وسرطان الحنجرة، وسرطان الفم، وسرطان المريء، وسرطان المثانة، وسرطان الكلية، وسرطان البنكرياس، وأمراض القلب الأوعية الدموية: كالجلطة، وتصلب الشرايين التاجية والطرفية، وأمراض الرئتين. 
وللتدخين أضرار خاصة بالسيدات: إذ يؤدي إلى نقص نمو جنين الحامل المدخنة ونقص وزنه، كما يعرضه للعيوب والتشوهات الخلقية، وترتفع نسبة الوفاة في أجنة المدخنات قبل الولادة وأثناءها بمقدار 28% عنها في أجنة غير المدخنات، ويبكر التدخين بسن اليأس بين المدخنات.. 
وللتدخين تأثير مباشر على الجنين.. وتنتقل أضراره من دم الأم إلى الجنين عن طريق الحبل السري، ويمتد هذا التأثير إلى ما بعد الولادة حتى سن الحادية عشرة ". وقد أقر ووافق على تقرير الأستاذ الدكتور شريف عمر الذي تضمن ما سبق كل من الأستاذين: الدكتور إسماعيل السباعي، و الدكتور عبد الباسط الأعصر، أستاذ ورئيس قسم بيولوجيا السرطان بمعهد الأورام القومي. 
ويقول الأستاذ الدكتور محمود محمد المرزباني، أستاذ كيمياء العقاقير والعلاج التجريبي للسرطان بمعهد الأورام القومي بجامعة القاهرة: 
ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن التدخين يسبب العديد من الأمراض، أهمها: أمراض الجهاز التنفسى، والقلب، وتصلب الشرايين.. كما أنه من أهم العوامل التى تساعد على تكوين سرطان الرئة، والبلعوم، والبنكرياس، والمثانة.. وثبت أيضا أن أضرار التدخين لا تقع فقط على المدخن.  بل تقع على المحيطين به " ويقول الأستاذ الدكتور محمد على البار، عضو الكلية الملكية للأطباء: 
لا جدال في ضرر التدخين.. بل إن تأثير التدخين السيء على الصحة يعتبر الآن أشد من أخطار الطاعون والكوليرا والجدري والسل والجذام مجتمعة . 
إن آثار التدخين الضارة على الصحة تبدو مريعة مخيفة إذا أدركنا أن ملايين البشر يلاقون حتفهم في كل عام نتيجة إدمان التدخين.. كما أن عشرات الملايين يعانون من أمراض وبيلة تجعل حياتهم سلسلة متصلة من العناء والشقاء .. وكل ذلك  بسبب التدخين.. 
وأهم الأمراض التي تصيب ا!لمدخنين: 
أ- الجهاز التنفسي: 
كسرطان الرئة، وسرطان الحنجرة، والالتهاب الشعبي (القصبي) المزمن والامفيزيما (ا نتفاخ الرئة ) .. 
ب - القلب والجهاز الدوري (جهاز الدوران):  
كجلطات القلب، وموت الفجاءة، وجلطات الأوعية الدموية وما ينتج عنها من  شلل، واضطرابات الدورة الدموية في الأطراف وجلطاتها.. 
ج- الجهاز الهضمي: 
كسرطان الشفة، وسرطان الفم والبلعوم، وسرطان المريء، وقرحة المعدة والاثنى عشر، وسرطان البنكرياس.. 
د- الجهاز البولي : 
كأورام المثانة الحميدة، وسرطان المثانة، وسرطان الكلى. 
هـ  المرأة الحامل والطفل: 
ككثرة الإجهاض، وقلة موازين الأولاد، وزيادة وفيات المواليد، وزيادة الأجنة الميتة، وزيادة الالتهابات الرئوية لدى الأطفال الرضع.. 
- و- أمراض نادرة: 
كالتهاب العصب البصري، والعمى.، وزيادة أمراض الحساسية مثل: الربو ، والشعبي (الارتكاريا) والتهابات الجلد.. وأمراض الأنف والأذن والحنجرة، ومضاعفة أخطار ضغط الدم، والبول السكري، وارتفاع الكوليسترول.، والسمنة المفرطة.. " 
ثم أضاف الدكتور البار: " أنه وجد أن خمسة وتسعين بالمئة من مرضى شرايين الساقين هم من المدخنين، وخمسة بالمئة فقط من غير المدخنين، وبهذا يكاد يكون المرض مقتصرا على المدخنين فقط... 
كما أنه وجد أن المدخنين يواجهون خطر سرطان الفم والمريء والبلعوم والحنجرة بعشرة أضعاف ما يحتمل حدوثه بين غير المدخنين.. وأن الوفيات الناتجة عن التدخين هي أكثر بكثير من الوفيات للأمراض الوبائية مجتمعة.. وأنه من بين كل ثلاثة مدخنين يلاقي واحد منهم حتفه نتيجة للتدخين.. " 
رأي علماء الدين المعاصرين 
في ضوء رأي الأطباء وتقارير الخبراء الباحثين كما سبق أن أشرنا.: فإن المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية " لشرق البحر المتوسط " قد قام- !خيرا  بإمداد نخبة العلماء الأفاضل الذين استطلع رأيهم إمام التقارير ونتائج أبحاث الخبراء المتخصصين، وآراء الأطباء البارعين ،  ليضع العلماء أمام مسئوليتهم بعد أن وفر لهم كل ما يلزمهم من إثباتات وحجج يقينية، تجنبهم مظنة الأضرار، وتؤكد لهم ثبوته وتحدد لهم أبعاده وأخطاره.. وبذلك فقد أتيح لهذه النخبة من أفاضل العلماء ما لم يتح لغيرهم من السلف والخلف، أو من المعاصرين وغير المعاصرين، من الوقوف على ثبوت ضرر التدخين، وتجديد الأخطار التي تنجم عنه، بما لا يدع مجالا لشك أو ارتياب، فكانت آراؤهم مبنية على أسس متينة، وركائز قوية، وحجج ثابتة، ونتائج يقينية.. ومن هنا.. فقد اتفق حكمهم، وتلاقت آراؤهم، ولم تخرج عن دائرة التحريم.. أو الكراهة التحريمية- على أقل تقدير- وهي أقرب الأحكام إلى التحريم.. وإن كان قد خالفهم في رأيهم علماء سابقون أو لاحقون، فإن لهؤلاء العلماء السابقين أو اللاحقين عذرهم، إذ لم يكن قد تبين لهم بعد وتأكد، ما تبين لهذه النخبة وتأكد.. فكان الضرر- على حد علمهم- ظنيا وليس يقينا، ومن هنا كان الحكم أو الرأي عند بعضهم متوائما على ما انتهى إليه علمه من أضرار التدخين. 
وعلى هذا.. فقد بنى هؤلاء النخبة من العلماء رأيهم مرتكزا على الأسباب التالية: 
أولا: ثبوت إضرار التدخين بصحة الإنسان إضرارا بالغا يؤدي به إلى الهلاك، وتعريض الإنسان نفسه للهلاك منهي عنه شرعا، مصداقا لقول الحق جل علاه: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما)  (النساء21) كما أن ديننا الحنيف قد نهى عن الأضرار بالنفس نهيه عن الأضرار بالغير بدون حق، وجاء في هدي نبينا الأكرم، ورسولنا الأعظم صلي الله عليه وسلم قوله في حديثه الشريف: " لا ضرر ولا ضرار"  رواه ابن ماجة والدارقطني وغيره مسندا، ورواه الإمام مالك مرسلا، وله طرق يقوى بعضها بعضا،.. 
ثانيا: تحقق صفة السرف والتبذير والإتلاف والإضاعة على المال الذي ينفق في التدخين، وكل هذه الأمور منهي عنها شرعا، فقد جاء في الذكر الحكيم قول رب العالمين: (.. ولا تسرفوا انه لا يحب المرسلين ) (من الآيتين: 141 من سورة الأنعام، 31 من سورة الأعراف)... وقوله- جل شأنه - (.. ولا تبذر تبذيرا ان المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان بربه كفورا)  (من الآية 26 والآية 27 من سورة الإسراء).. كما جاء في الهدي النبوي الشريف ما روي عن المغيرة بن شعبة - رضى الله  تبارك وتعالى عنه- أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ومنعا وهات، وواد البنات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال "... كما أخبرنا الصادق المصدوق صلي الله عليه وسلم أن العبد سيسأل يوم القيامة- فيما يسأل- عن ماله: من أين اكتسبه؟ وفيما أنفقه؟  
ثالثا: نتن رائحة الدخان عند ذوي الطباع السليمة؟ يجعله داخلا في إطار الخبائث، ورأي الدين واضح في كل الخبائث، حيث أعلنه قول ربنا عز وجل: (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث )...  (من الآية 157 من سورة الأعراف).. 
والله أعلم. 
ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا 
س  وج 
حول التدخين 
س: هل التدخين خطر على الصحة؟ 
ج : نعم بالاجماع 
 ففى عام 1962 أعلنت كلية الأطباء الملكية البريطانية وجود صلة بين ا السجائر وبين اعتلال الصحة.. 
وفي سنة 1970 أعلن كبير أطباء الولايات المتحدة الأمريكية بكل وضوح في تحذيرات صحية أن " تدخين السجائر ضار بالصحة ".. 
وفي عام 1978 أعلن خبراء منظمة الصحة العالمية أن " التدخين سبب رئيسي لاعتلال الصحة والموت المبكر، ولكنه سبب يمكن تفاديه حتما بالإقلاع عن التدخين أو بعدم التدخين أصلا ! 
س: ما هي المواد الموجودة في التبغ التي تشكل خطرا على الصحة؟ 
ج: أشهر هذه المواد وأخطرها: أول أكسيد الكربون، والنيكوتين، والقطران بأنواعه. 
س: كيف تفتك هذه المواد بالإنسان؟ 
ج:. إن أول أكسيد الكربون هو نفس الغاز الذي ينبعث من ماسورة العادم في السيارة وهو يضعف قدرة الدم على حمل الأكسجين. 
والنيكوتين، الذي يسبب الإدمان مثل الكوكائين والمورفين، يؤدي إلى أن يصبح الإنسان عالة على التبغ. كما أنه يرفع ضغط الدم، ويزيد سرعة القلب، مما يزيد العبء على قلب أضعفه بالفعل نقص الأكسجين  واجتماع أول أكسيد الكربون والنيكوتين معا يعرض المدخن للإصابة بالخثار أي التجلط في شرايين القلب و في والأوعية الدموية، مما يؤدي إلى السكتة القلبية والدماغية. 
والقطران بأنواعه من المواد المسرطنة (أي المسببة للسرطان)، وهو يؤدي مع المواد الضارة الأخرى في التبغ إلى الإصابة بسرطان الرئة، والنفاخ (الإمفيزيما)، وإلتهاب القصبات (الالتهاب الشعبى) المزمن. 
س : هل السجائر التي ينقص محتواها من القطران والنيكوتين أقل خطرا على الصحة؟ 
ج: كلا فالمدخن يميل إلى تعويض هذا النقص بزيادة التدخين والاستنشاق بشكل أعمق، وبذلك يسري في جسمه نفس المقدار المعتاد من أول أكسيد الكربون، والنيكوتين، والقطران، والمواد الضارة الأخرى. 
س: هل السجائر ذات المرشح (الفلتر) عديمة الخطر؟ 
ج: كلا. فالمرشح ( الفلتر) لا يحجز أول أكسيد الكربون، ولا الغازات الضارة الأخرى فى التبغ وعلى الرغم من المرشح يبقى مدخن السجائر ذات المرشح من أول المرشحين لهجمة قلبية أو سكتة دماغية. 
س: هل السيجار والغليون( البايب) أقل خطرا على صحة المذخن؟  
ج: إن التبغ المستخدم في السيجار والغليون (البايب) يحتوي على قطران ونيكوتين أكثر مما يحتويه تبغ السجائر والدخان المنبعث من السيجار والغليون أكثر كثافة، وبالتالي فإنه يمثل خطرا أشد على غير المدخنين. 
س: ما هو " التبغ العديم الدخان "؟ 
ج:. هو التبغ الذي لا يدخن بل يمضغ، أو يترك في الفم ربما طوال الليل، أو يتم تنشقه وهو يتم تسويقه في شكل سعوط (نشوق) رطب، يكون مقطعا قطعا دقيقة  أو في شكل تبغ للمضغ، ويكون مجروشا ، أو في شكل سعوط جاف، ويكون مسحوقاً سحقا دقيقا. 
س: هل التبغ العديم الدخان بديل مأمون للسجائر؟ 
ج:. كلا على الرغم من الترويج له بهذا الزعم فهو يسبب سرطان الفم وتلف الأسنان لأنه يحتوى على المسرطنات، أي المواد المسببة للسرطان،كما أنه يحتوي كذلك على النيكوتين  الذي يجعله مسببا للإدمان مثل السجائر 
          س: كم ينفق على الترويج للتبغ؟ وعلى التدخين في العالم؟ 
ج: يقدر ما ينفق على الترويج  للتبغ بألفين وخمسمائة مليون من الدولارات الأمريكية على مستوى العالم وهذا المبلغ يكفى لدفع تكاليف تطعيم جميع الأطفال حديثي الولادة في العالم كله ضد ستة أمراض هامة هي: الخناق (الدفتريا)، والسعال الديكي، والكزاز (التتانوس)، والحصبة، وشلل الأطفال، والدرن . 
أما ما ينقق على التدخين في العالم فهو أكثر من ذلك بأربعين مرة أي مئة ألف مليون دولار أمريكي! 
س : كم من الناس يموتون كل سنة من جراء أمراض يسببها التدخين؟ 
ج: يموت سنويا نحو مليونين ونصف المليون  من الناس على مستوى العالم، أي أنه تحدث كل 13 ثانية وفاة بسبب مرض مرتبط بالتدخين. 
س:  ما هو معدل الوفيات نتيجة أمراض مرتبطة بالتدخين؟ 
ج : إن 85 بالمئة من جميع الوفيات الناجمة عن سرطان الرئة، و 75 بالمئة من الوفيات الناجمة عن التهاب القصبات (الالتهاب الشعبي) المزمن، و 25 بالمئة من الوفيات الناجمة عن أمراض القلب تترافق مع التدخين. 
جميع حالات سرطان الرئة تقريبا لا يمكن معالجتها بالجراحة ولا يبقى على قيد الحياة من بين مرضى الحالات الممكن معالجتها بالجراحة سوى 5 بالمئة مدة خمس سنوات. 
تتسبب الأمراض المرتبطة بالتدخين في نسبة كبيرة من جميع الوفيات. 
فمثلا، تبلغ هذه النسبة 30 بالمئة في كوبا، و 25 بالمئة في الولايات المتحدة الأمريكية، و 15- 20 بالمئة في المملكة المتحدة (بريطانيا وايرلندا الشمالية). ويمثل ذلك 400000 وفاة سنويا في الولايات المتحدة  و 140000 وفاة في جمهورية ألمانيا الاتحادية و 100000 وفاة في المملكة المتحدة (بريطانيا وأيرلندا الشمالية)  و 700000 وفاة في إيطاليا و 23000 وفاة في أستراليا. 
س : ما هي الأخطار الإضافية للتدخين التي تهدد المرأة المدخنة على وجه الخصوص؟ 
ج : إذا كانت المرأة المدخنة تستعمل موانع الحمل التي تؤخذ عن طريق الفم، زاد لديها بمقدار عشرة أضعاف خطر الإصابة بأزمة قلبية، أو سكتة دماغية أو جلطة دموية في أوردة الساق. 
وتزداد الأخطار على صحة المرأة المدخنة، إذا كان ضغط الدم  ومستويات الكولستيرول لديها أعلى من المعتاد. 
وينقطع  الحيض لدى المرأة المدخنة مبكرا عن المعتاد بسنة إلى ثلاث سنوات. 
س : ما هي الأخطار التي تهدد المدخنة الحامل وجنينها؟ 
- ج:. عندما تدخن المرأة الحامل، يدخن معها الجنين الذي في بطنها ثم إنها تنقل أول أكسيد الكربون والنيكوتين إلى مجرى دمه، فيقل بذللث ما يحصل عليه من الأكسجين، وتسرع ضربات قلبه. 
كما أن وليدها معرض لأن يولد خديجا (مبسترا) أو ناقص الوزن ، وعندما يصبح طفلها دارجا، أي قادرا على المشي ولكن بخطوات قصيرة  متعثرة، فإنه يكون في معظم الأحيان معتل الصحة. 
وتكون المخاطر على أشدها بالنسبة للمرأة في العالم الثالث، لكبوها، على الأرجح، تعاني فقر الموارد، وفقر الدم، وكثرة الأطفال. 
 س: ما هو " التدخين بالإكراه "؟ 
ج:. هو  اضطرار غير المدخن إلى استنشاق هواء مليء بالدخان، وبذلك يصبح في وضع غريب، إذ يصبح مدخنا غير مدخن. 
س: كيف يكون، التدخين بالإكراه ضارا بصحة غر المدخنين ؟ 
ج: لدخان التبغ خواص\ كيميائية تؤدي إلى تهيج العين والأنف والحلق لدى غير المدخنين الذين يجلسون مع أشخاص مدخنين في مكان مغلق، مثل المكتب أو المنزل أو في مكان عام  وهذا لا يمثل مجرد إزعاج بسيط، وإنما يمثل خطرا صحيا. 
.ظهر أن معدل حدوث سرطان الرئة للنساء المتزوجات من أزواج مدخنين، أعلى من معدل حدوثه للنساء المتزوجات من أزواج غير مدخنين. 
. في عام 1985، أصدرت محكمة سويدية حكما هو الأول من نوعه ، قضت فيه بأن " السبسب المرجح " لوفاة أحد الموظفين غير المدخنين بسرطان الرئة هو تدخين زملائه في المكنب الذي يعمل به، وبالتالي أعتبرت وفاته إصابة عمل، وعليه فقد تلقت أسرته تعويضا. 
. يقدر أن التدخين بالإكراه يتسبب في 4000- 5000 وفاة سنويا في الولايات المتحدة الأمريكية، و 1000 وفاة في المملكة المتحدة. 
س: ما هي المكاسب التي تعود من وراء الإقلاع عن التدخين؟ 
ج ة. التخلص من النفس الكريه، والروائح غير المستحبة العالقة بالشعر والملابس والستائر، والتخلص من اصفرار الأسنان والأصابع، والتخلص من الحرائق الطارئة في المنازل أو حروق مفارش الموائد، والأثاث، والمراتب، والسجاجيد، والأرائك، وعدم الحاجة إلى الاعتذار عن التدخين وسط جماعة من الناس؟ والتخلص من الإدمان الذي يكلف الكثير  
.  توفير المزيد من المال الذي يتم إنفاقه على أشياء أساسية أفضل أو يتم ادخاره  واكتساب النفس الأطيب رائحة، والشعور بالعافية، وسلوك أسلوب الحياة الذي هو أفضل وأضمن للصحة. 
س : ما الذي يدعو إليه المسؤولون عن الصحة العمومية؟ 
ج :. من حق غير المدخنين أن يستنشقوا هواء خاليا من الدخان، لاسيما أماكن العمل، وكذلك في الأماكن العامة المغلقة، وخاصة حيثما تقدم التغذية. 
" على أفراد المهنة الطبية أنفسهم، لاسيما الأطباء والممرضات، وسائر العاملين في المستشفيات، أن يكونوا قدوة لغيرهم فلا يدخنوا. 
. فرض " حظر وقائي " على ترويج وبيع التبغ العديم الدخان في البلدان  
 التي لا يستعمل فيها. 
. توجيه برامج التثقيف الصحي التي تستهدف الوقاية من الإدمان نحو الشباب أساسا، وتوجيه برامج وقف التدخين إلى المدخنين الراغبين في الإقلاع عن هذه العادة السيئة. 
. تفضيل الصحة العمومية عن مكاسب شركات التبغ، سواء كانت خاصة أو مملوكة للدولة. 
. تغيير نظرة المجتمع إلى التدخين، بحيث يصبح عدم التدخين هو السلوك الاجتماعي الطبيعي، وينظر إلى التدخين على أنه سلوك شاذ منحرف. 





























0 التعليقات:

إرسال تعليق